بكركي, الاثنين 24 فبراير، 2025
في وطنٍ يحاول الخروج من أزماته المتراكمة متمسّكًا بالانفراجات السياسية التي أعقبت الحرب المدمِّرة، يحلّ الصوم الكبير هذا العام. من عمق هذه الآلام المقرونة بآمال لا تنضب، غرَفَ البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي رسالة الصوم الخامسة عشرة متوجِّهًا إلى أبناء الكنيسة المارونية وبناتها في أنطاكيا وسائر المشرق وبلاد الانتشار. فماذا جاء فيها؟
قال الراعي: «كلّنا مدعوّون لنصوم الصوم الكبير، على مثال الربّ يسوع الذي "صام أربعين يومًا وأربعين ليلة حتى جاع" (متى 4: 2). مسيرة الأربعين يومًا الجماعيّة قائمة على: الصيام والصلاة والصدقة المتكاملة والمترابطة».
وأكّد أنّ الصيام علامة على التوبة وانسحاق القلب والندامة عن الخطايا العرضيّة والمميتة، مع الاعتراف بها؛ فيتجدّد التائب ويبدأ حياة جديدة. وتابع: «إنّه زمن العودة إلى الله بسرّ التوبة الذي أسّسه الربّ يسوع، بفيضٍ من حبّه ورحمته الإلهيّة، فهو بمنزلة ولادة جديدة، تُمحى بها الحياة القديمة المشوّهة بالخطايا. الصوم زمن مقدّس نعود به إلى الله، ونتضامن مع الإخوة، ونشارك المسيح صيامه وحياته وآلامه، ونقاوم المجرّب».
وأضاف: «الصلاة هي رفع العقل والقلب إلى الله، وهي جواب الإنسان عن كلام الله الذي يغذّي فينا الإيمان. إنّها تواضع القلب أمام عظمة الله، وحاجة الإنسان إلى الله الذي منه كلّ عطيّة صالحة. زمن الصوم هو زمن الصلاة والتجدّد بعطايا الله. الصلاة الحقّة والمقبولة هي صلاة القلب، لا الشفاه، فإن كان القلب بعيدًا من الله، تفقد صلاة الشفتين قيمتها. فالقلب هو سكنى الله، حيث تصبح صلاتنا علاقة عهد مع الله وشركة معه».
وشدّد الراعي على أنّ الصدقة هي إشراك إخوتنا في حاجاتهم ممّا نملك، سواء كان كثيرًا أم قليلًا. بالتقاسم والمشاركة ننتصر على تجربة الأنانيّة وجشع التملّك ومحبّة المال التي تناقِض أولويّة الله في حياتنا. وأردف: «الاضطلاع بواجب الصدقة يكون إمّا مباشرة وإمّا بواسطة تجمّعات وجمعيّات ومؤسّسات خيريّة ومنظّمات معروفة، مثل رابطة كاريتاس لبنان وهي "جهاز الكنيسة الاجتماعيّ في لبنان"، وتغطّي بمراكزها مختلف الأراضي اللبنانيّة؛ وهي تنظّم حملتها التبرّعيّة طوال هذا الصوم الكبير».
توجيهات رعويّة
أما التوجيهات الرعويّة للصوم فتضمّنت الآتي:
- يدوم الصوم الكبير سبعة أسابيع، استعدادًا لعيد الفصح. ويقوم على الامتناع عن الطعام من منتصف اللّيل حتى الساعة الثانية عشرة ظهرًا، وعلى القطاعة عن اللحوم والبياض (الحليب ومشتقّاته والبيض).
- تُفسَّح من الصوم والقطاعة أيّام السبوت والآحاد والمناسبات الآتية: عيد مار يوحنّا مارون (2 مارس/آذار)، وعيد الأربعين شهيدًا (9 مارس/آذار)، وعيد مار يوسف (19 مارس/آذار)، وبشارة العذراء (25 مارس/آذار)، وشفيع الرعيّة. أمّا طوال أسبوع الآلام من الاثنين حتّى سبت النور فيبقى الصوم والقطاعة إلزاميَّين.
- يُعفى من الصوم والقطاعة عمومًا المرضى والعجزة الذين يَفرِض عليهم واقعهم الصحيّ تناول الطّعام ليتقوَّوا، والمرضى الذين يَخضَعُون للاستشفاء الموقّت أو الدوري. ومعلومٌ أنَّ الأولاد يبدأون الصوم في السنة التي تلي قربانتهم الأولى، مع اعتبار أوضاعهم في أيَّام الدراسة. هؤلاء المعفيُّون من شريعة الصوم والقطاعة مدعوّون إلى الاكتفاء بفطورٍ قليلٍ لتناول الدواء. ونظرًا إلى مقتضيات الحياة وتخفيفًا عن كاهل المؤمنين والمؤمنات، تبقى شريعة القطاعة إلزاميّة في الأسبوع الأوّل من الصوم الكبير، وفي أسبوع الآلام، على أن يُعوِّض من لا يستطيع التزام القطاعة بأعمال خير ورحمة.
- تُمَارس في الكنيسة القطاعة بمناسبة ثلاثة أعياد هي: قطاعة القدّيسين الرسولين بطرس وبولس والرسل الاثني عشر (من 21 إلى 28 يونيو/حزيران)، وقطاعة انتقال السيّدةِ العذراء (من 8 إلى 14 أغسطس/آب)، وقطاعة الميلاد (من 16 إلى 24 ديسمبر/كانون الأوّل).
- تبقى قطاعة يوم الجمعة على مدار السنة. يُستثنى منها يوم جمعة أسبوع المرفع، وأيّام الجمعة الواقعة بين عيدَي الفصح والعنصرة، وبين عيدَي الميلاد والدنح. وتُسثنَى أيّام الجمعة التي تقع فيها الأعياد الآتية: ختانة الطفل يسوع (أوّل يناير/كانون الثاني)، وعيد مار أنطونيوس الكبير (17 يناير/كانون الثاني)، ودخول المسيح إلى الهيكل (2 فبراير/شباط)، وعيد مار يوحنّا مارون (2 مارس/آذار)، وعيد الأربعين شهيدًا (9 مارس/آذار)، وعيد مار يوسف (19 مارس/آذار)، وعيد بشارة العذراء (25 مارس/آذار)، وعيد القدّيسَين الرسولَين بطرس وبولس (29 يونيو/حزيران)، وعيد السيّدة العذراء (15 أغسطس/آب)، وعيد قطع رأس يوحنّا المعمدان (29 أغسطس/آب)، وعيد ميلاد العذراء (8 سبتمبر/أيلول)، وعيد ارتفاع الصليب المقدّس (14 سبتمبر/أيلول)، وعيد الحبل بسيّدتنا مريم العذراء بلا دنس (8 ديسمبر/كانون الأوّل)، وعيد ميلاد الربّ يسوع (25 ديسمبر/كانون الأوّل)، وعيد شفيع الرعيّة، وعيد قلب يسوع.
أمّا عن الصوم القرباني فأكّد الراعي الانقطاع عن الطعام الخفيف من الكهنة والمؤمنين استعدادًا لتناول القربان الأقدس في خلال الذبيحة الإلهيّة أقلّه ساعةً قبل بدء القدّاس الإلهي. وذكّر بالحفاظ على النعمة والحشمة في اللباس والخشوع، واستحضار المسيح الربّ الحاضر تحت شكلَي الخبز والخمر.
وختم الراعي: «نسأل الله بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة لبنان، وأبينا القدّيس مارون، أن يشمل بنعمته جميع أبناء كنيستنا، رعاةً وكهنةً ورهبانًا وراهباتٍ ومؤمنين، في لبنان والنطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار. ونلتمس الاستقرار والسلام لأوطاننا».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته