أربيل, الاثنين 10 فبراير، 2025
كثيرون قد يتساءلون: لماذا تمسَّك الله باختياره يونان ليُرسِله لإنذار أهل نينوى؟ أليس هناك أيّ شخص آخَر سوى هذا الهارب العاصي المتمسِّك بكلمته؟ لماذا يونان المُخالِف لمشيئتك اللّهُمَّ وأنت القادر على أن تقيمَ من الحجارة أولادًا لإبراهيم؟
يُجيب الأب ميلان ككّوني، وهو كاهن في إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة يتابع دراسته العليا بالجامعة الكاثوليكيّة الأميركيّة في واشنطن، عن هذا التساؤل، مُبيّنًا في حديث لـ«آسي مينا» أنّ أفكار الله ليست كأفكار البشر، «فالله يصبر على عناد يونان وعصيانه، حتّى يُصلِحَه ويُقنِعه ويُفهِمه الطريق الصحيح، ويُقِيْمَه نبيًّا عظيمًا».
رمزٌ لموت المسيح وقيامته
أفاضَ الله نعمته على يونان التائب «فجعَله رمزًا له في الموت والقيامة، وجعَل له سِفْرًا في الكتاب المقدّس يحمل اسمه، وأقام له في كنيسته ذِكْرًا أبديًّا، وتراتيل ومَدائِح في تمجيده، بعد أن كان عاصيًا»، وفق ما شرح ككّوني.
وتابع: «يتجلّى طولُ أناةِ الله أيضًا في متابعته مسيرة يونان الهارب، حتى أدركَ ما جَلَبَه من شرٍّ على ركّاب السفينة فكادت العاصفة تُغرقها، فاعترف بعصيانه إلهه، وفي محاولةٍ يائسة لتهدئة العاصفة، دعا البحّارة إلى إلقائه في البحر».
لم يتخلَّ الله عن يونان في خلال ثلاثة أيّامٍ قضاها في جوف الحوت، «فأصغى إلى صلواته حين صرخ "مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ"، ورافَقَه حتى أدرَك أنّ الله يسمع صوتَه ولن يهمله إن عاد تائبًا»، بحسب ما بيَّنَ ككّوني. وأردف: «أظهر الله أيضًا طول أناةٍ تجاه أهل نينوى، فلم يأخذْهم بأخطائهم فجأةً، بل أعطاهم مهلة الأربعين يومًا زمانًا للتوبة».
قصّة نجاحِ عمل الله
وشدّد ككّوني على فكرة صبر الله في انتظارِ توبةِ الخطأة، موضحًا: «لم ييأسِ الله من توبة أهلِ نينوى، المدينة الوثنيّة الشريرة التي لا تعرف يمينها من شمالها. ولم ييأس من يونان المقاوِم لإرادة إلهه، المتمسِّك بكلمته على حسابِ خلاص الإنسان. ولم ييأس من ركّاب السفينة الذين يعبدون آلهةً كثيرة».
وقال ككّوني إنّ سفر يونان يمكن أن نسمّيه قصّة نجاحِ عملِ الله. وشرح: «فالله أبٌ حنون لا يتخلّى عن أحبّائه مهما أخطأوا، ولنتذكَّر مَثَلَ الابنِ الضالّ، ونتأمّل في مشهد عودته، وكيف استقبَله أبوه وقَبِلَهُ غافِرًا ذنبه. هكذا يقبلنا الله ويغفر ذنوبنا حين نعود إليه تائبين».
صَبرَ الله على يونان العاصي، ولم يسمح بهلاكه، كما لم يسمح بهلاك ركّاب السفينة، ولا بهلاك النينويّين، بل قادهم جميعًا إلى التوبة والخلاص. يدعونا هذا الصبر إلى تأمّلٍ أعمق في بحث الله عن الإنسان، ونجاحه في وِجدانه دائمًا. وهذا النجاح يُعطينا شعورًا بالاطمئنان، ويجعلنا واثقين بأنّ الله سيُعيدنا إلى أحضانه مهما أخطأنا، كما أعاد هؤلاء.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته