عمّان, الأحد 9 فبراير، 2025
برَزَ اسم المملكة الأردنيّة الهاشميّة بوصفها مقصدًا رئيسًا وملاذًا آمنًا لكثيرٍ من العراقيّين، ولا سيّما المسيحيّين، بالتزامن مع اشتعال أزمة الاحتلال الداعشيّ للموصل وبلدات سهل نينوى عام 2014، فغَدَت عمّان ملجأ الفارّين من بطش التنظيم الإرهابيّ وقسوة التهجير القسريّ.
رحّبت المملكة، ملكًا وحكومةً وشعبًا، بهؤلاء وفتحت أبواب أديرتها وكنائسها لإسكانهم، ووفّرت بمبادرةٍ ملكيّة رحلات طيران مجّانيّة أقلّتهم من العراق، حسبما بيّنَ الخورأسقف زيد حبّابه، النائب البطريركيّ الكلدانيّ في الأردن، في حديثه عبر «آسي مينا»، قائلًا إنّ المملكة «منحت باستقبالها المبكر والدافئ الأمانَ والاستقرار لمَن كانوا في أمسّ الحاجة إليه».
واستدرك موضحًا أنّ «الطلائع الأولى لقاصدي الأردن من مسيحيّي العراق تعود إلى مطلع التسعينيّات من القرن المنصرم، إثر حرب الخليج الثانية ومعاناتهم جرائرَ الحصار الاقتصاديّ، فكانت المملكة محطّةً موقّتة لبعضهم على طريق الهجرة ومُستَقرًّا لبعضٍ آخَر».
أوضاع مسيحيّي العراق في الأردن
لا تتوفّر إحصاءات رسميّة حديثة عن عدد المسيحيّين العراقيين في الأردن، ولا سيّما بعد توقّف مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن تسجيل الوافدين في سجلّاتها منذ جائحة كورونا مطلع 2020. لكنّ تقديرات غير رسميّة أحصتهم بقرابة عشرة آلاف في أوج صعود تنظيم داعش.
جُلّ الذين اتّخذوا الأردن محطّةً انتقاليّة للهجرة، غادروا إلى المهجر في أميركا وأستراليا وكندا وسواها، لكنّ كثيرين ما زالوا ينتظرون، مع توقّف معاملات اللجوء عبر الأمم المتّحدة، وربّما تَعوزُهم الأموال لسلوك طرق الهجرة الأخرى المُتَيسّرة، والمؤسف أنّ بعضهم ينتظر منذ 2014.
جهود تستحقّ الإشادة
ونوّه حبّابه بدعم مؤسّساتٍ عدّة لرعيّته مادّيًّا ومعنويًّا في أوج أزمة 2014، وبمبادرات منظّمتَي كاريتاس والبعثة البابويّة، فضلًا عن البطريركيّة الكلدانيّة، وأبرشيّة مار توما الرسول الكلدانيّة في ميشيغان الأميركيّة وبعض المُحسنين المقيمين في الأردن. وقال: «بفضلهم تمكّنّا حينها من مساعدة مرضى كُثُر ووفّرنا سلّاتٍ غذائيّة ومعوناتٍ ماليّة لمحتاجيها».
وأشاد بمجلس أساقفة إيطاليا الذي وفّر دعمًا سخيًّا مكَّنَ جميع الطلّاب المسيحيّين العراقيّين اللاجئين من مواصلة دراستهم في مدارس خاصّة أسوة بالطلبة الأردنيّين، مدّة ثلاث سنين منذ 2015.
وتابع: «اليوم تستقبل مدرستان عائدتان للبطريركيّة اللاتينيّة الطلاب المسيحيّين في دوام مسائيّ، يتلقّون في خلاله دروسًا أساسيّة تساعدهم في المواكبة».
وذكر حبّابه أنّ «لدينا اليوم قرابة 680 عائلة كلدانيّة: بعضها آثَر الاستقرار، إذ يبلغ عدد العائلات الكلدانيّة المستقرّة في الأردن منذ العام 1990 حتّى اليوم قرابة 160، أفرادها حاصلون في غالبيّتهم على إقامات طويلة الأمد، فيما حصلت قلّةٌ على الجنسيّة الأردنيّة، ويترقّب الباقون طريق المهجر».
الكنيسة أمّ ومعلّمة
تؤدّي الكنيسة الكلدانيّة في الأردن دورًا محوريًّا داعمًا لأبنائها على صعد عدّة، وفق ما أكّد حبّابه، ولا سيّما لناحية دورها بوصفها «محطّة طاقة روحيّة» تُنعش إيمانهم وتُقوّي ارتباطهم بجذورهم الروحيّة والثقافيّة، ليحافظوا على هويّتهم الدينيّة وتقاليدها حيثما حلّوا.
يُواصل حبّابه الاحتفال بالقداديس وتقديم الخدمات الروحيّة لأبناء رعيّته في الكنائس المحلّيّة الخمس الأقرب إلى مناطق سكناهم، إذ ليست للرعيّة كنيستها الخاصّة في الأردن. كما تشجّع الرعيّة أبناءها على المشاركة في دروس التعليم المسيحيّ المتواصلة منذ عشر سنين، وفي لقاءات الشبيبة والعائلة وسائر الخدمات التعليميّة والاجتماعيّة والثقافيّة المركزيّة، بتوفيرها وسائط نقل مجّانيّة. كذلك، تُواصل تنظيم بطولاتٍ رياضيّة ونشاطات ترفيهيّة ورحلات عائليّة، لتغدو الرعيّة مدرسةً وبيتًا يضمّ أبناءها المغتربين ويجمعهم على المحبّة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته