الأحد 8 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

"في البدء كان الكلمة"... أثر اللوغوس في الفكر الأدبي

الكتاب المقدّس/ provided by: Kiwihug/Unsplash

تمثّل "الكلمة"، أيّ "logos"، أول مظهر من مظاهر الفكر، وهي الإرادة المتجسّدة، كما هي أيضًا قول الفكر "كن" ومن ثمّ هي بدء الخليقة: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اللّه، وكان الكلمة اللّه" (يو:1/1)... فللكلمة قوّتها وتأثيرها في مجريات الأحداث، وقدرتها في تبديل وجه الكون وتجديده.

فهل استطاع المفكّرون والأدباء من خلال الكلمة أن يخلقوا عوالمهم وما يحيط بها من أسرار هذا الوجود بتعارضاته المختلفة؟

لا شكّ أنّ الأديب يسعى باستمرار وبواسطة الكلمة المبدعة إلى تجسيد عواطفه وأحاسيسه ونظرته من الحياة، فيبعث بروحه بين أسطر كتاباته، لذا فإنّ ارتباط الأديب بالكلمة يشكّل الحجر الأساس في بناء معالم الفكر الأدبيّ وإخراجه إلى أرض الواقع بروح جديدة، تلامس الإنسان والوجود.

فيشدّنا في هذا الجانب، الأديب اللبنانيّ "ميخائيل نعيمة"، في كتابه من وحي مسيحيّ، ما قاله عن "الكلمة": "لقد ألفنا الكلام نطقًا وسمعًا، إلى حدّ نسينا معه، أنّ الكلمة هي أعجب عجيبة، في حياتنا على الإطلاق".

ونتابع مع "نعيمة"، في حواره المبدع مع الكلمة عندما كان يخاطبها في الفصل الأخير من مذكّراته، ويمكننا اعتبار هذه الصّفحات من أجمل ما كتبه في كتابه "سبعون":

"أيّتها الكلمة! علّمتني النّطق، فنطقت. وعلّمتني الكتابة، فكتبت. وكلّ ما نطقت به عوالم من السّحر والسّرّ... متى أفهمك أيّتها الكلمة التي تعني كلّ ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، وما بيني وبينك من وشائج القربى ما ليس مثله بين أمّ وطفلها أو بين عابد ومعبوده"...

وتجيبه الكلمة شارحًة له أهميّة مسؤوليّة الأديب: "في الكلمة سرّ عظمتك وحقارتك وسرّ هنائك وشقائك. إذ أنت امتهنتها امتهنتك. وإذ أنت قدّستها قدّستك."

فهذا الحوار يجعلنا ندرك مدى سلطة الكلمة وتأثيرها الفعّال في حثّ الأديب أيّ الطّرف الآخر على استيعاب مسؤوليّته في التعبير عنها، فهي سيف ذو حدّين، حيث يمكن لها أن تصوّر مواطن الخير والجمال، وفي المقابل، يمكن لها أن تعكس المشاعر السلبيّة والقبح .

فمن هنا، تفرض علينا الكلمة المبدعة باستمرار ضرورة تجديد اللغة وتنقيتها، ولكن شرط أنّ حرصنا على هذا الأمر يجب أن لا يجعلنا ننسى القصد منها، وهو ارتقاء التّعبير الأرقى، فينساب دقّة وعذوبة من بين أصابعنا...

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته