الجمعة 24 يناير، 2025 تبرّع
EWTN News

المعتقلون المسيحيّون في السجون السوريّة... الداخل مفقود والخارج مولود

سجن صيدنايا في ريف دمشق، سوريا/ مصدر الصورة: Mohammad Bash/Shutterstock

يعتقد كثيرون أنّ المسيحيين في سوريا امتلكوا مساحة أكبر من غيرهم للتعبير عن آرائهم وتطلّعاتهم، لكنّ الحقيقة تقول خلاف ذلك. لم يستثنِ نظام حكم الأسد الأب والابن أيّ فئة من القتل أو الاعتقال، وتجاوزها إلى خطف اللبنانيين من مدنهم وأَسرهم في سوريا.

في حديث خاص إلى «آسي مينا» يروي المهندس فراس حليسو، سوري مسيحي وقائد كشفي سابق في مجموعة مار إغناطيوس الكشفية اليسوعية، قصة اعتقاله وقصص من عرفهم: «عام 2011 صدرت في حقي مذكرة تبليغ بجرم "النيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات الطائفية". راجعتُ في إثرها فرع أمن الدولة قرب قصر المحافظ في مدينة حلب. اعتقدتُ أنّ الأمر مقتصر على بعض الأسئلة السريعة، لكنّني بقيت معتقلًا عشرة أيام».

فراس حليسو. مصدر الصورة: فراس حليسو

وتابع: «نُقلت إلى فرع الأمن الجنائي، وهناك حُقِّق معي وأنا معصوب العينين وحافي القدمين. سُئلت من أقصد بالجزّار في قصة "الجزّار والخرفان" التي كتبتها في فيسبوك. لم أُفصح، ومع كلّ تكرار للسؤال كُنت أضرَب بأنبوب سيليكوني قاسٍ. طبعًا قصدتُ بالجزار بشار الأسد، لكنّ تفوّهي بذلك سيودي بي إلى سجن صيدنايا. أذكر حينها أنّني كنت آخر من حُقِّق معه. وفي لحظات الانتظار الصعبة، وأنا أسمع أصوات تعذيب من سبقني، رددتُ مكرِّرًا المزمور 142 ومستهلّه: "بصوتي إلى الربّ أصرخ، بصوتي إلى الربّ أتضرّع"، إذ عمل على تعزيتي».

وأضاف حليسو: «بعدها حُوِّلت إلى القصر العدلي ومن ثم إلى سجن حلب المركزي، والتقيت هناك أحمد، وهو شاب عشريني روى لي كيف اعتُقل قرابة سنة بتهمة الانتماء إلى تنظيم غايته قلب نظام الحكم. وعندما سألتُه عن أثر جرح معصمه الواضح، أخبرني بأنّه نتيجة محاولته الانتحار بعدما تُرِك معلّقًا من يديه أيامًا طويلة في أحد أقبية فرع المخابرات الجوية المعتمة، لكنّ رفاقه في المعتقل أنقذوا حياته».

مذكّرة توقيف بحق فراس حليسو. مصدر الصورة: فراس حليسو

وأوضح حليسو أنّ بعد الإفراج عنه خضع أكثر من مرة للتحقيق والاستجواب، وهو ما شكّل ضغطًا نفسيًّا كبيرًا عليه، خصوصًا مع اعتقال شقيقته مدة 73 يومًا وتعرّضها للتعذيب؛ حينها، قرر الهجرة مع عائلته إلى فرنسا.

وأكد وجود عدد غير قليل من المسيحيين ممّن ذاقوا مرارة الاعتقال التعسفي في زمن الأسد الأب والابن، منهم كريم عربجي الذي كان أحد مؤسّسي منتدى «أخوية» الحواري الإلكتروني. فضلًا عن سائق الأجرة عماد خبازه الذي اعتُقل بسبب مجموعة لا يعرفها أوصلها إلى وجهتها. وبعد يومين من الاعتقال اتصل المستشفى الجامعي بذويه طالبًا منهم الحضور لتسلّم جثته.

وختم حليسو: «على رجال الدين الوقوف ضد القمع والتعذيب وإهانة كرامة الإنسان. هذا لا يُعدّ تدخلًا في السياسة كما كان يشاع، بل يصبّ في الشأنَين الإنساني والمجتمعي. مع ذلك يمكن أن أتفهّم وجود كاهن صامت بسبب الخوف، لكنّني لا أتفهّم المادحين».

المعتقلون اللبنانيّون

من جهته، أكد رئيس مكتب الأسرى في حزب القوات اللبنانية ريمون سويدان لـ«آسي مينا» توثيق وجود 622 شخصًا لبنانيًّا معتقلًا في سجون نظام الأسد، أوّلهم الياس يوسف البيطار الذي اعتُقل في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1975. لكنّه أشار إلى وجود عدد كبير من المعتقلين غير المعروفين أو الموثقة أسماؤهم، مثل يعقوب شمعون الذي خرج عام 2012 بعد 27 سنة من الاعتقال.

إلى اليمين ريمون سويدان وإلى جانبه سهيل حموي بعد الإفراج عنه. مصدر الصورة: ريمون سويدان

وكشف سويدان أنّ بعد فتح السجون في سوريا الشهر الماضي حُرِّر تسعة لبنانيين، أحدهم مسيحي وهو سهيل حموي، الذي أمضى نحو 33 سنة بين القضبان. وهو يتلقّى الآن العلاج مع إعادة تأهيله صحّيًّا ومجتمعيًّا بمبادرات فردية، إذ إنّ الدولة اللبنانية غائبة.

وذكّر باتفاقية العام 1951 بين سوريا ولبنان والتي تنصّ على عدم أحقّية أيٍّ من الطرفين باحتجاز شخص من الدولة الأخرى أو محاكمته، لكنّ النظام السوري لم يعمل بها.

وعن أساليب التعذيب، بيّن سويدان أنّه اعتُقل مدة خمسة أعوام ذاق في خلالها مرارة التعذيب على كرسي الكهرباء. مع ذلك، يجد نفسه محظوظًا إذ إنّ هناك من اختبر وسائل تعذيب أشدّ فتكًا. وشدّد على أنّ التهم بحق اللبنانيين كانت مُعدّة مسبقًا كلّ بحسب دينه أو مذهبه.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته