التكريم المريمي في تعاليم الباباوات

بيروت, الأحد 1 مايو، 2022

اهتمّ باباوات كُثر بالتكريم المريمي، داعين إلى تلاوة المسبحة الورديّة، واللجوء إلى حماية مريم العذراء.

في 1 أيلول 1883، أصدر البابا لاوون الثالث عشر الرسالة العامّة "المهمّة الرسوليّة العظمى" التي تطرّق فيها إلى صلاة المسبحة، وقدّمها للمؤمنين وسيلةً روحيّة فعّالة للتغلّب على شرور المجتمع.

وكان البابا يوحنا الثالث والعشرون من أكثر الباباوات اندفاعًا لنشر المسبحة الورديّة.

وبيّن البابا بولس السادس بوضوح في الإرشاد الرسولي "التقوى المريميّة" الطابع الإنجيلي للمسبحة الورديّة وتوجّهها نحو المسيح.

البابا يوحنا بولس الثاني والحضور المريمي

في سياق متصل، تناول البابا يوحنا بولس الثاني التكريم المريمي في رسالة "أمّ الفادي" (25 آذار 1987)، مبرزًا اتّحاد الكنائس في محبّة مريم العذراء، فكتب ما يلي: "إنني أودّ أن أبرز إلى أيّ حدٍّ عميق تشعر الكنيسة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة والكنائس الشرقيّة بأنها متّحدة في محبّة والدة الله ومديحها، لا لأن العقائد الأساسيّة للإيمان المسيحي بالثالوث وكلمة الله المتجسّد من العذراء مريم قد حُدّدت في المجامع المسكونيّة المعقودة في الشرق وحسب، بل لأن الشرقيين في عبادتهم الليتورجيّة، يكرّمون بأناشيد رائعة مريم العذراء الدائمة بتوليّتها وأمّ الله الفائقة القداسة"…

ولفت الأب الأقدس إلى أن المؤمنين يرون في مريم العذراء سندًا في الضيق، مردفًا: "ما برح المسيحيّون الشرقيّون، بثقة لا حدّ لها، يتوجّهون إلى أمّ الربّ، يكرّمونها بمدائحهم، ويدعونها بصلوات متّصلة. وفي الأوقات الصعبة من وجودهم المسيحي المعذّب، التجأوا إلى حمايتها، موقنين بأن لهم فيها سندًا كبيرًا.

وتطرّق البابا يوحنا بولس الثاني إلى التأمّل في حضور مريم في تاريخ الخلاص، مشدّدًا على تكريم القديسين لها: "الآباء اليونان والتقليد البيزنطي تأمّلوا العذراء على ضوء الكلمة الذي صار إنسانًا، واجتهدوا أن يسبروا عمق العلاقة التي تربط مريم، كونها أمّ الله، بالمسيح والكنيسة: إن للعذراء حضورًا مستمرًّا في تاريخ الخلاص بأسره.

ولجت التقاليد القبطيّة والحبشيّة هذا التأمّل في سرّ مريم، بفضل القديس كيرلس الإسكندري، فكرّمت، بدورها، هذا السرّ بأشعار زاهرة فيّاضة. ونظم مار أفرام السرياني الملقّب بكنّارة الروح القدس، بعبقريّته الشعريّة، أناشيد للعذراء، ولم يكلّ، فترك بصمته، حتى اليوم، على تقليد الكنيسة السريانيّة. وراح القديس غريغوريوس، يتعمّق في مختلف وجوه سرّ التجسّد، بإلهام شعريّ كبير، ويتّخذ من كل وجه مناسبة ليغنّي بمدح العذراء مريم أمّ الكلمة المتجسّد، ويعلن مقامها الفائق وجمالها العجيب.

إذًا، فلا عجب في أن تحتلّ مريم مكانة مميّزة في عبادة الكناس الشرقيّة العريقة، مصحوبة بفيضٍ لا نظير له من أعياد وأناشيد".

البابا فرنسيس واكتشاف جمال المسبحة الورديّة

إلى ذلك، وصف البابا فرنسيس مريم العذراء في قداس إلهي ترأسه في بازيليك القديس بطرس (1 كانون الثاني 2020) بأنها "المرأة التي نسجت بشريّة الله"، مضيفًا: "في رحم امرأة، اتّحد الله بالبشريّة ولن ينفصلا أبدًا، وحتى الآن في السماء، يحيا يسوع بالجسد الذي اتّخذه من أمّه. جسدنا البشري صار في الله!"

وأكد الأب الأقدس في إحدى رسائله إلى المؤمنين في الشهر المريمي (25 نيسان 2020) "أن التأمّل معًا بوجه المسيح من خلال قلب مريم أمّنا سيجعلنا أكثر اتّحادًا كعائلة روحيّة وسيساعدنا على تخطّي هذه المحنة (جائحة كورونا)".

ودعا البابا فرنسيس إلى اكتشاف جمال صلاة المسبحة الورديّة في البيت في خلال أيّار، مردفًا: "يمكنكم أن تصلّوها معًا أو بشكل فردي؛ اختاروا أنتم بحسب الأوضاع مقيّمين الخيارَيْن. لكن في جميع الأحوال هناك سرّ للقيام بذلك: البساطة"…

وختم الأب الأقدس رسالته بالقول: "يا مريم، نوكل أنفسنا إليكِ، أنتِ التي تُشعّين في مسيرتنا كعلامة خلاص ورجاء، يا شفوقة، يا رؤوفة يا مريم البتول الحلوة اللذيذة. آمين".