إسطنبول, الجمعة 6 ديسمبر، 2024
لم تمرّ رحلة البابا فرنسيس إلى إسطنبول في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 مرور الكرام بالنّسبة إلى مسيحيّي تركيا. فهي لا تزال عالقةً في ذاكرة الأتراك الأرثوذكس على قدر أهمّيتها. إذ حضر الأب الأقدس بدعوة من برثلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية المسكوني، بمناسبة عيد القديس أندراوس شفيع كنيسة القسطنطينية.
واحتفل الحبر الأعظم بالذبيحة الإلهية يوم السبت 29 نوفمبر/تشرين الثاني في كاتدرائية الروح القدس-إسطنبول بحضور برثلماوس الأول و750 مدعوًّا. ومن ثمّ توجّه البابا إلى البطريركية في حي الفنار التركي للمشاركة بصلاة مسكونية وعقد اجتماعٍ خاصّ مع البطريرك. وفي اليوم التالي، احتفل فرنسيس بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديس أندراوس.
وبعدما خاطب برثلماوس الأول الحاضرين في خلال الاحتفال، استعاد البابا فرنسيس ذكرى التقارب التاريخي بين الطائفتين. وألقى الرجلان التحية على الحاضرين وباركاهم من شرفة البطريركية. ومن ثمّ، وقّعا على بيانٍ مشتركٍ يهدف إلى تكثيف الجهود لتعزيز الوحدة بين المسيحيين، وبخاصّة بين الكاثوليك والأرثوذكس.
وتجدر الإشارة إلى أنّ تاريخ 5 يناير/كانون الثاني 1964 يحمل رمزًا معنويًّا كبيرًا. إذ يُستذكَر في هذا اليوم اللقاء التاريخي بين البابا بولس السادس والبطريرك المسكوني أثيناغوراس الأول في القدس. وقد تبادل الرجلان آنذاك «قبلة السلام» مؤكّدَيْن إرادة الكنيستَين في استعادة روابط المحبة والتسامح. واعتُبِرَ هذا اللقاء الأوّل من نوعه بين حبر أعظم وبطريرك مسكوني منذ مجمع فلورنسا (1438-1439)، إذ كان المجمع حدثًا فريدًا جمع البابا أوجين الرابع والبطريرك يوسف الثاني. وسعت مدينة القدس إلى تمهيد الطريق لتجديد لقاء البابا والبطريرك المسكوني في ديسمبر/كانون الأول 1965 بعد قُرابة 500 سنة. وأعلن الطرفان إلغاء الحرم الكَنَسيّ المُتَبَادَل منذ العام 1054.
وفي العام 1967، زار البابا بولس السادس مدينة إسطنبول. وبعد فترةٍ من الزمن، افتتح البابا يوحنا بولس الثاني بزيارته في العام 1979 حوارًا لاهوتيًّا حول الحقيقة والتعبير الملموس عن الوحدة بمناسبة عيد القديس أندراوس. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الزيارات المُتَبَادَلة تقليدًا في خلال تذكار شفعاء الكنيستَين أو المناسبات المهمة، سواء بصيغة رسمية أم بتمثيلٍ رفيع المستوى. كما باتت زيارة البابا الجديد البطريرك المسكوني تقليدًا في بداية حبريته. وفي هذا السياق، اعتُبِرَ حضور برثلماوس الأول شخصيًّا حفل تنصيب فرنسيس علامة صداقة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات المسكونية.
وفي عيد القديس أندراوس كلّ سنة، يزور وفدٌ من الفاتيكان البطريركية المسكونية. وتُرسل البطريركية بدورها وفدًا إلى روما في 29 يونيو/حزيران بمناسبة عيد القديسَين بطرس وبولس.
وهذا العام، زار رئيس دائرة تعزيز وحدة المسيحيين الفاتيكانية الكاردينال كورت كوخ إسطنبول في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، مع السفير البابوي في تركيا المطران ماريك سولتشينسكي، للمشاركة في احتفالات أبرشية إسطنبول. وطُرِح نقاش عن مسيرة الوحدة وتحدياتها في السياق المسكوني الحالي.
وفي العام المُقبِل، تستعدُّ الكنيستان لمناسبتَين كبيرتَين تشكّلان تحديات مسكونية: الأولى هي ذكرى مرور 1700 سنة على انعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقية. وقد أكد البابا فرنسيس نيّته الحضور قائلًا: «الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية فرصة سانحة للمسيحيين أجمعين، كي يستذكروا الحدث في شركة مسكونية ويعيدوا تأكيد إيمانهم المسيحي، حيث يكمن أساس الوحدة في الإيمان». أما المناسبة الثانية فهي يوبيل سنة 2025 الذي أعلنه البابا. وفي هذه المناسبة تظهر علامات الرجاء التي يدعو إليها هذا اليوبيل ومجمع نيقية، إذ يحتفل الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس بعيد الفصح في 20 أبريل/نيسان العام المُقبل.
ويؤمن البابا فرنسيس بأنّ الجهود اللاهوتية والراعوية المبذولة لبناء كنيسة سينودسية ستعكس أيضًا ثمارها على الروحانية المسكونية.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته