حلب, الأحد 1 ديسمبر، 2024
سبق زمن الحرب في حلب السوريّة زمن المجيء الذي يبدأ اليوم. ساعات قليلة على تقدُّم الفصائل الجهادية بقيادة هيئة تحرير الشام كانت كفيلة بإدخال المدينة مرحلة جديدة مع حكّام جدد بفكر مختلف وراية مختلفة. فما حال المسيحيين هناك؟ وبماذا توجه إليهم رعاتهم الروحيون؟
يعيش المسيحيون ترقبًا لما ستؤول إليه حال البلاد، لا سيما أنّ الأكثرية لم ترغب في مغادرة منازلها أو لم تتمكن من الخروج. يأتي ذلك في ظل انقطاع الطريق الرئيسي الدولي، ووجود طريق بديل مكتظ بالسيارات، مع معلومات غير مؤكدة تفيد بأنّ حتى هذا الطريق لم يعد آمنًا منذ صباح اليوم. وقد نشرت صفحة «السوريون الأرمن» معلومة مفادها سقوط الدكتور أروانت أرسلانيان برصاصة قناص في أثناء خروجه من حلب.
وبين رشقات الرصاص والقذائف علقت حافلة على طريق حلب تضم شبابًا مسيحيّين من منطقة الجزيرة السورية شرقيّ البلاد. وبعد ساعات طويلة من الانتظار استطاعوا أمس الوصول إلى مطرانية السريان الأرثوذكس في حلب والتي قدمت لهم الرعاية اللازمة.
تختبر المدينة حالة من الهدوء مع حركة تجوال محدودة ازدادت اليوم، مركّزة بخاصةٍ على التسوق وتأمين المواد الغذائية. هذه الحركة تنتهي عادةً عند الساعة الخامسة مساء، وذلك بسبب إعلان الفصائل «حالة منع تجوال» تستمر حتى الخامسة صباحًا من اليوم التالي. أما بالنسبة إلى تأمين الخبز، فقد تراجعت إنتاجية الأفران وطالت مدة الانتظار للحصول على بضعة أرغفة. وقد شوهدت اليوم بعض «الفانات» تتوقف في عدد من الأحياء (منها يقطن فيها مسيحيون) توزّع الخبز والماء على الناس مجّانًا، خصوصًا مع انقطاع كامل لمياه الشرب في البيوت.
حتى الساعة لم تسجَّل أي حالة اعتداء على المسيحيين. وقد علمت «آسي مينا» أنّ بعض المسلحين دخلوا أحد أديار المدينة، وطمأنوا القيمين عليه بأنّهم لن يؤذوهم، بل على العكس سيقدّمون الحماية لكلّ المسيحيين.
حالة الكنائس والرعايا
أشار مطران السريان الأرثوذكس في حلب بطرس قسيس إلى أنّ رؤساء الطوائف المسيحية في المدينة تواصلوا في ما بينهم، وقرروا عدم مغادرتها مع مواصلة إقامة الصلوات والقداديس؛ بالإضافة إلى العمل على تكثيف تواصلهم مع رعاياهم سواء من خلال مجموعات الواتساب أم منصة فيسبوك. وأكد قسيس لأبناء رعيته أنّ الواقع مفاجئ وصعب، لكن يجب التعامل معه بوعي وشجاعة وإيمان. وأوضح أنّ أبرشيات الطائفة في سوريا مستعدة لاستقبال اللاجئين إليها.
من جهته، تمنّى مطران حلب للموارنة يوسف طوبجي من رعاياه الاحتفاظ بسلامهم الداخلي لأنّه يعطي الإنسان القوة كي يفكر ويقرر بصورة صحيحة. وشدّد على عدم نسيان الصلاة التي نقول للربّ من خلالها إنّه هو الذي يعمل وليس الإنسان، فالله أقوى من الإنسان.
أما مطران حلب للروم الأرثوذكس أفرام معلولي فتوجّه إلى رعاياه برجاء التزام الصلاة، وكذلك الحكمة لجهة تجنّب التجوال بكثرة، والتحلّي بالهدوء والصبر. وطلب التواصل مع الكنيسة عند أيّ حاجة.
بدوره، قال رئيس الكنيسة اللاتينية في حلب الأب الفرنسيسكاني بهجت قره قاش: «لا أرى شخصيًّا أي داع للهلع، وليس هناك ما تعرفه الكنيسة أكثر من الناس. إنّ قرار البقاء أو الخروج من حلب قرار شخصي لا يستطيع أحد أن يتخذه نيابة عن الآخر. نحن الرهبان باقون وننتظر كيف ستتطور الأوضاع».
من جهته أصدر مجلس كنائس الشرق الأوسط أمس بيانًا توجه فيه إلى صانعي القرار محلّيًّا وعالميًّا، والهيئات الدينية الإقليمية والعالمية، طالبًا منهم الضغط من أجل تحييد المدنيين ومنع الأذى عنهم عملًا بأحكام القانون الدولي الإنساني.
تجدر الإشارة إلى أنّ الفصائل المسلحة وسّعت رقعة أراضيها لتضم مناطق أخرى في محافظة إدلب غرب حلب. كما توجهت جنوبًا نحو ريف حماة الشمالي حيث استطاعت السيطرة على بعض المناطق من دون تمكنها حتى الساعة من دخول مدينتي محردة والسقيلبية المسيحيتَين.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته