بيروت, الاثنين 25 أبريل، 2022
يعتبر العطاء غير المشروط من أسمى القيم الوجدانيّة، وتدعو كل الأديان إلى التّسلح بهذه الفضيلة، لأنّ كلّ إنسان يعطي من أمواله وأوقاته وعاطفته حتّى ابتسامته، فكلّ هذه الأمور تجعله يشعر بالسّعادة الحقيقيّة، وأكثر من هذا هو يعمل بوصيّة الربّ، إذ قال "يسوع": "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَٱذْهَبْ وَبِعْ أَمْلَاكَكَ وَأَعْطِ ٱلْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي" (متّى 19: 21).
وفي التأمّل أكثر في جوهر العطاء، تشدّنا في هذا الجانب خاطرة للشّاعر اللبنانيّ "جبران خليل جبران"، وهو يقول: "إنك إذا أعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك، ولكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءًا من ذاتك لأنّ أيّ شيء هي ثروتك؟ أليست مادة فانية تخزنها في خزائنك وتحافظ عليها جهدك خوفًا من أن تحتاج اليها غدًا. أوليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها أم ليس الظمأ الشّديد للماء عندما تكون بئر الظامئ ملآنة هو العطش الّذي لا تروى غلّته".
ويتابع "جبران خليل جبران" في وصفه أنواع النّاس في عطائهم:
"من النّاس من يعطون قليلًا من الكثير الّذي عندهم وهم يعطونه لأجل الشّهرة، ورغبتهم الخفيّة في الشّهرة الباطلة تضيع الفائدة من عطاياهم. ومنهم يملكون قليلًا ويعطونه بأسره. ومنهم المؤمنون بالحياة وبسخاء الحياة، هؤلاء لا تفرغ صناديقهم وخزائنهم ممتلئة أبدًا. ومن النّاس من يعطون بفرح، وفرحهم مكافأة لهم. ومنهم من يعطون بألم، وألمهم معمودية لهم. وهناك الّذين يعطون ولا يعرفون معنى للألم في عطائهم ولا يتطلبون فرحًا ولا يرغبون في إذاعة فضائلهم، هؤلاء يعطون مما عندهم كما يعطي الريحان عبير العطر في ذلك الوادي".
وتكمن العبرة في هذا الصّدد وفق الشّاعر: "جميل أن تعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولكن الأجمل من ذلك أن تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته به".
إذًا، غاصت روح "جبران خليل جبران" في البحث، في الإنسانيّة بتجلّياتها، وهي توافقت مع الطبيعة والفكرة المقدّسة بمزج الجانب الإيماني الدينيّ في حضور محبّة العطاء، التي أرادها السيّد المسيح ألوان حياة بالتّسامح والتضحية بعيدًا عن جمود المادة وقوالبها، ليثبت الرّمزيّة الخالدة لبقاء الفعل وتجاوز العنف والأنانيّة والهدم من أجل منح التفاعلات الإنسانيّة تحرّرًا في حياة أكثر انسجامًا.
كما أن الرحمة إذا امتزجت بالعطاء، فاح طيب الحبّ بخورًا يحمل عطر الربّ إلى المسكونة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته