الجمعة 6 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

تعرف على قصة حيـاة القديسة “ريتا دي كاشيـا”

جسد القديسة ريتا دي كاسيا غير القابل للفساد (1381-1457)/ Provide by: Bocachete/public domain.

الميلاد والنشأة:
إسمها بالميلاد "مارجريتا" وهو اسم إيطالي يعني "زهرة الأقحوان" (زهرة بيضاء عطرة تشتهر بها حدائق أوروبا). لكنها اشتهرت باختصار الاسم "ريــتــا". ولدت القديسة ريتا فى( روكاپيرينا) بمقاطعة (أومبريا) بايطاليا. لوالدين تقيين تسامت فيهما قداسة الاخلاق والمحبة المسيحية الكريمة وهما "أنطونيو لوتّي" و " أماتا فيرّي" .

جسد القديسة ريتا دي كاسيا غير القابل للفساد (1381-1457). Provide by: Bocachete/public domain.

دعوة إلى الجلجثة قبل الرهبنة:
سمعت "ريتا" ما حدث " للقديس فرنسيس الآسيزى" الذى عاش فى تلك الأرض التى تعيش فيها وتمنت لو صُلِبَت مع حبيبها يسوع أو على الآقل لو شاركته آلامه، وازداد تعلقها بالعزلة والانفراد والخدمة المجانية، والتطلع نحو الحياة الرهبانية، لكن حبيبها يسوع أراد لها أن ترتقي درجات الجلجثة أولاً.
فبينما كانت "ريتا" لا تفكر اٍلا بالله وبأبويها الشيخين الذين لم يدركا أسرار نفسها البتول، كانا أبواها يفكران بزواجها خوفاً عليها من الوحدة والاحتياج إذا توفيا، وألزماها بالزواج من شاب لم يكن على شىء من نقائها وأخلاقياتها ولا من حكمتها واحتشامها و تجردها عن العالميات.

الحياة الديرية:
عملت "ريتا" بالدير طويلاً بأحقر وأصعب الأعمال وقد كانت المواهب الخاصة التى أنعم الله عليها بها والفضائل الجليلة التى زينها بها هدفاً لسوء الفهم والإهانات والآلام التى تكمل النفوس. ولأن قديستنا كانت قد تهذبت فى مدرسة المصلوب فقد كان احتمالها وصبرها أكبر من العقبات بل كان باستطاعتها تعزية من حولها وتخفيف آلامهم الروحية والجسدية والمعنوية، وكانت تشمل بذلك حتى المسيئات إليها من أخواتها في الدير.

ولأن الشيطان لا يرضى بخلاص النفس ويحاول إسقاطها فى الضعف فإنه نصب شِراكه لريتا وأوحىَ لها كثيراً أن الحياة الرهبانية لا تناسبها والأفضل أن تعود إلى العالم، فكانت تقاوم محاولاته لإحباطها بكل قوة، فبدأ يحاربها ضد العِفّة ويُكثر الإساءات من خلال أخوات الدير، فأسرعت إلى المجلدة وأجبرت عدوها على أن يهرب من أمامها خجلاً فكانت تجلد جسدها ثلاثة مرات نهاراً. وكانت دائماً تلبس مسحاً وثياباً خشِنة لتهذيب جسدها.

و قصدت رئيسة الدير يوماً أن تمتحن طاعتها فأمرتها أن تسقي عوداً يابساً كل صباح ومساء وكان هذا العود غضناً يابساً معداً للحرق، فأطاعت "ريتا" أمر الرئيسة صبراً وحبّاً بالمسيح، وظلّت تسقي العود اليابس بين سخرية الراهبات وإحباطهن لها وبقىَ الحال كذلك عاماً كاملاً إلى أن أثمر العود اليابس لينمو ويصبح كرمة ًعجيبة أعطت عناقيد يانعة ولا تزال إلى الآن مثمرةً فى دير (كاشيا) فيبارك الكهنة أوراقها ويأخذون من عصير كرمها ما يستخدمونه فى سر الإفخارستيا.

نعود إلى "ريتا" التي كانت تشعر بميل قوي إلى الاتحاد بآلام المخلِّص بل كانت الآلام دائماً هى موضع دراستها وتأملاتها، وكما قَبِل القديس فرنسيس الأسيزى فى جسده سمات يسوع المصلوب ورُسمت جراحات يسوع فى يديه ورجليه وجبينه كذلك رغبت "ريتا" فى أن تشارك يسوع آلامه وإذ كانت جاثية ً أمام صليب يسوع يوماً توسلت بحرارة إليه أن يشركها فى آلامه وللوقت إنتُزعت شوكة من إكليل المصلوب لتستقر وتنغرس بعمق فى جبين "ريتا"، فأذاقتها ألماً شديداً أفقدها الوعى لفترة وكاد يميتها، بعدها تقيح الجُرح وأصبح يصدر رائحة كريهة جعلتها تنزوي في غرفتها حتى لا تُزعج أخواتها الراهبات أو تُؤذى شعورهن بهذه الرائحة، استمر الجرح هكذا خمسة عشر عاماً، وذات ليلة أثناء تأملها شاهدت سُلّماً يمتد من الأرض إلى السماء وفي أعلاه سيدنا يسوع المسيح وهو يدعوها لتصعد نحوه ومرّت الأعوام وانتشرت أخبار وساطتها لدى الله وقدرة شفاعتها أمام قلبه الأقدس وكانت تنال بصلواتها لمن حولها عجائب وشفاءات عجيبة.

أنهكت السنين وكثرة الآلام النفسية والجسدية "ريتا" فأرغمتها على أن تُسمّر على سريرها الفقير القاسي ولم تعد معدتها قادرة على احتمال الطعام ولو حتى القليل منه فأصبح قوتها الوحيد هو التناول.

وقبل وفاتها بثلاثة أيام إذ ناهزت السادسة والسبعين من العمر ظهر لها سيدنا يسوع المسيح مصحوباً بأمه القديسة مريم العذراء وأعلمها بميعاد انتقالها، فطلبت "ريتا" الزاد الأخير والمسحة المقدسة وفي يوم 22 مايو 1457 م، فاضت روحها الطاهرة وبمجرد حدوث ذلك إنتشرت رائحة ذكية من غرفتها كان مصدرها جرح جبينها المتقيح الذى لطالما عذبها وأبعدها عن إخوتها بالدير.

وشهدت إحدى الراهبات بالدير بأنها رأت رأى العين جمعاً من الملائكة يحمل روح القديسة إلى السماء بينما شهدت راهبة أخرى كانت تعانى شللاً تاماً بيدها أنها حزنت لفراق القديسة وعندما همت بمعانقة جسدها شعرت بشفاء تام بيدها التي كانت تعاني الشلل.

نُقِل جسدها الطاهر إلى كنيسة الدير حيث تُرك بناءً على رغبة أهالى (كاشيا) لإلقاء النظرة الأخيرة عليه أياماً عديدة، ثم حضر الجميع مراسم الصلاة ودفن الجسد بالكنيسة الخارجية بحفل انتصار كبير اشتركت به القيادات الدينية و المدنية.

وإذ نادى الشعب بإعلان قداستها قبل أن يثبُت لدى الكنيسة الجامعة صدق قداستها وبعدما كثُرت أخبار عجائبها التى جرت بعد وفاتها وبعد أن وُجد جسدها الغير مُحنَّط كاملاً دون فساد رغم دفنه في أرضٍ رطبة، فقد نُقل الجسد فى مكان لائق معروضاً فى تابوت مكشوف تحت المذبح وظل هكذا حتى عام 1595م، حيث تم نقله للكنيسة وبعد سنوات احترق هذا التابوت بفعل شمعة مُضاءة وقعت عليه لكن النار لم تمس جسد القديسة بأي أذى! فتم صُنع تابوتاً أخر أجمل وأليق.

والآن وقد مرت خمسة قرون على وفاة القديسة لا يزال جسدها فى حالة من الحفظ تدعو إلى العجب، دعت البعض لمحاولة إجراء الفحوص والأشعة التلفزيونية على الجسد لمعرفة ما إذا كان مُحنطاً أم لا، فكانت المفاجأة عندما وُجدت أحشاء القديسة كاملة دون إزالة أو تفريغ.

وإذ نوجّه نظرنا إلى وجه القديسة نجده يعلوه بعض الشحوب وتلمع من خلال الشفتين أسنان ناصعة البياض، كما أن الوردة التى احتفظت بها القديسة بين يديها قبل وفاتها لا تزال متماسكة ولا يبدو عليها الزبول والقِدَم.
مزارها الرئيسي ببازيليكا القديسة ريتا بكاشيا.

التطويب و القداسة:
ظلت دعوة تطويبها قائمة يتم البرهان عنها منذ عام 1626م حتى عام 1900 م، حيث مُنحت "ريتا" لقب الطوباوية فى عام 1628م عن يد قداسة "البابا أوربانوس الثامن" أما في عام 1900 م ، فقد مُنحت لقب قديسة على يد "البابا لوان الثالث"، وأصبح 22 مايو من كل عام هو تذكار إنتقالها وعيدها الذى يحتفل به المسيحيين فى العالم كله، كما سُميت منذ ذلك الحين بالقديسة ريتا دا كاشيا (شفيعة الحالات المستعصية و الميئوس منها) إذ إشتهرت القديسة بشفاعتها للسيدات اللاتى يأسن من حالات العقم وانعدام فرص الإنجاب ويُرجع البعض ذلك إلى ظروف ميلادها فهى تصلي لكل إمرأة تعاني العقم وكأنها تصلي لوالدتها التى انتظرت عطية الرب زماناً طويلاً بصلواتٍ حارة. كذلك الكثيرين أيضاً يشهدون بقدرة شفاعتها فى أى أمر قد يستحيل عملياً فى أى مجال.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته