بيروت, الأحد 20 أكتوبر، 2024
بمناسبة إعلان قداسة الإخوة المسابكيّين الثلاثة الشهداء شهداء دمشق، فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل، يطلّ المطران غي بولس نجيم، النائب البطريركي العام السابق على أبرشيّة صربا المارونيّة عبر «آسي مينا» ليتحدّث عن إسهامه في إعادة إحياء ذكرى الإخوة المسابكيّين، وعن أهمّ مراحل حياتهم، وعن فضائلهم المسيحيّة وأبرزها محبّة المسيح حتّى الاستشهاد.
ينطلق نجيم: «تشرّب الإخوة المسابكيّون الثلاثة حقيقة الإيمان الحقّ والمتين في قلب عائلتهم، وكانوا ملتزمين برهبنة مار فرنسيس الثالثة للعلمانيّين التي تساعد على التقرُّب من حياة مار فرنسيس المبنيّة على التأمّل بالربّ يسوع وطلب التجرّد التامّ».
ويردِفُ: «كما كانوا ملتزمين بحياتهم العاديّة؛ فرنسيس، وهو الأخ الأكبر، متزوّج وأب لثمانية أولاد، كان تاجرًا للحرير والأقوى في هذا المجال. وفي أيّامه، كانت هذه التجارة أيضًا هي الأقوى. ويُحكى أنّ بضائع الحرير التي كانت تُنْقَل من لبنان إلى دمشق مرّت من خلاله، لأنّه كان شخصًا جدّيًّا وواضحًا في عمله».
ويُضيف نجيم: «أمّا الأخ الثاني وهو عبد المعطي، فكان متزوّجًا وأبًا لخمسة أولاد ومدرِّسًا. تميّز بجدّيته وتقواه، وهو من قال لطلّابه: "أعظم نعمة يحصدها الإنسان هي الاستشهاد حبًّا بالمسيح". وفي النهاية، نال هذه النعمة». ويتابع: «رفائيل، الأخ الثالث، كان بسيطًا يخدم الرهبان وكذلك أفراد أسرته. وبعد استشهادهم، تحدّث عنهم مسلمون ومسيحيّون، متطرّقين إلى أجمل ما تحلّوا به من صفات، إذ كان الجميع يقدّرهم ويحبّهم».
وأكّد نجيم: «أستبْعِدُ أن يكون استشهاد الإخوة المسابكيّين مرتبطًا بأيّ خلاف بين المسلمين والمسيحيّين. فالأحداث التي حصلت في الشام في تلك المرحلة تبيَّن مع الزمن أنّها سياسيّة بامتياز».
ويكشِفُ: «أعلن البابا بيوس الحادي عشر تطويب الإخوة الثلاثة عام 1926 بطلب من المطران بشارة الشمالي رئيس أساقفة دمشق، وهم من الأوائل الذين طُوّبوا وفق القوانين التي بدأت في القرون الوسطى، في أوروبا، والقائمة على التحقيق». ويواصل حديثه: «مع الأيّام، بدأ الناس ينسون الإخوة المسابكيّين إلى حدٍّ ما، رغم أنّهم احتفلوا بتطويبهم. وبعدهم عرفنا قدّيسين كبارًا في كنيستنا، منهم القدّيس شربل. إنّما في الولايات المتّحدة، ظلّت ذكراهم حيّة والدليل على ذلك كنائسهم والصلوات التي تنبض بوجودهم».
ويُخبر نجيم: «حين انتُخبتُ مطرانًا على أبرشيّة صربا المارونيّة، في أواخر الحرب السياسيّة في بلادنا، وجدنا في العلّية صورة للإخوة المسابكيّين وكُتَيّبًا عن حياتهم كتبه المطران الشمالي الذي سعى إلى تطويبهم. كما عثرنا على مخطوط حول المعاملات التي أجريت لتطويبهم، وإناء من الكريستال يحتوي على عظام مكتوب عليه: شهداء دمشق عام 1860».
ويتابع: «حينئذٍ، أدركنا أنّ هذه الموجودات تخصّنا؛ ففي ذلك التاريخ أي 1860، كانت أبرشيّة دمشق، وهي أبرشيّتنا، وكان المطران الشمالي راعيًا عليها وعلى رعيّة كسروان… وهكذا عُدنا نعمل على إحياء ذكرى الإخوة المسابكيّين الثلاثة».
ويشرح نجيم: «تبنّى سينودس الأساقفة الموارنة عام 2022 قضيّة الإخوة المسابكيّين، فقدّم البطريرك بشارة بطرس الراعي طلبًا إلى روما باسم سينودس الأساقفة، تضمّن تسليط الضوء عليهم والعمل على تقديسهم. وفي 17 ديسمبر/كانون الأوّل 2022، وافق البابا فرنسيس على تقديسهم من دون أن يصنعوا أيّ أعجوبة، لأنّهم من خلال مسيرتهم واستشهادهم برهنوا جوهر إيمانهم المسيحيّ».
ويؤكّدُ: «الإخوة الثلاثة هم الأوائل الذين طُوّبوا في الشرق، وهم علمانيّون، وما زالوا الوحيدين حتّى الآن؛ فنحن في الطائفة المارونيّة عندنا القدّيس شربل والقدّيسة رفقا والقدّيس نعمة الله الحرديني والطوباويّ يعقوب الكبّوشي والطوباويّ إسطفان نعمة والطوباويّ البطريرك إسطفان الدويهي، وهم من بين الرهبان والمكرّسين».
ويختم: «كأنّ المسيح يريد من خلال ذلك أن يُذَكِّرنا بأنّ كلّ إنسان مدعوّ إلى بلوغ القداسة، على طريقته. فلا بدّ أن يعرف الإنسان الخطيئة ويواجه التعثّرات، ولكن في النهاية يجب أن يصغي إلى نداء الربّ يسوع، القائل: "لأَنَّه مَكتوب: كونوا قِدِّيسين، لأَنِّي أَنا قُدُّوس"» (1 بط 1: 16).
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته