حلب, الاثنين 19 أغسطس، 2024
بعد غياب دام أكثر من 350 سنة، عاد الطوباوي اللبناني البطريرك إسطفان الدويهي إلى حلب. عاد من خلال ذخيرته التي ستستقرّ في المدينة السورية. ذخيرة أُخِذت عمدًا من عظام جمجمته، لما ترمز إليه من فكر متّقد تجسَّد في عظات فريدة رسّخها في نفوس الحلبيين، وفي رؤية مستقبلية ثاقبة أسفرت عن تأسيسه مدرسة لهم. وتكلّلت هذه المشهدية في انطلاق الحركة الرهبانية المارونية الحديثة بعد اتشاح شبان من حلب بالإسكيم الرهباني على يد الدويهي.
تكريمًا للطوباوي الجديد ولأثره المتجذّر في المدينة، ترأس رئيس أساقفة حلب للموارنة المطران يوسف طوبجي قداس احتفال إعلان الدويهي طوباويًّا، في كاتدرائية مار الياس المارونية-حلب. وقد عاونه إكليروس الأبرشية، بمشاركة النائب البطريركي العام على على نيابتَي الجبة-بشري، وإهدن-زغرتا المطران جوزيف نفّاع، والمونسنيور إسطفان فرنجية من لبنان، مع لفيف من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وحشد من المؤمنين.
وكشف نفّاع في عظته عن كثرة تنقّل البطريرك الدويهي سواء بسبب الخدمة أم الاضطهاد، والذي كان يتعرض له أحيانًا من الداخل من بعض زعماء الموارنة والإكليروس. وأكّد أنه لم يرَ يوم راحة وكان يردّد دومًا عبارة «الله بدبِّر».
وعبّر نفّاع عن دهشته من قدرة الدويهي على تأليف 23 كتابًا (في التنظيم الكنسي). وتساءل: هل باستطاعتنا اليوم قراءتها؟! معتبرًا أنّ هذه القوة التي سكنت الطوباوي وليدة يقينه بأنّ الله معه دائمًا.
واستحضر نفّاع مثالًا آخر عن صبر الدويهي وتحمّله، مشيرًا إلى أنّ الطوباوي عندما كثرت همومه، ثقب حائط قلايته الذي يفصلها عن الكنيسة ليرى أيقونة العذراء مريم أمامه، فينام آخر اليوم مطمئنًّا بوجود من يسهر عليه.
وتوجه نفّاع إلى الحاضرين قائلًا: «أيامنا بالغة الصعوبة، ونشكو لله أمورًا كثيرة، لكنّه يجيبنا من خلال إسطفان ويقول لنا "اصبروا لن أترككم". الله وقف مع إسطفان لكنّه لم يحمل الصليب عوضًا عنه، بل ساعده فحسب. والله وعدنا بأنّنا إذا حملنا صليبنا معه فلن يتخلى عنا، لكن إذا لم نحمله فسنخسر يسوع وبالتالي سنخسر كلّ شيء».
وختم نفّاع عظته بتأكيد ضرورة التعلّم من الدويهي الثقة بالله؛ وكما كان له الفضل باستمرارية الكنيسة، هكذا علينا أن نستقي الدروس من حياته، فنحمل على مثاله همَّ بعضنا بعضًا، ونكون على يقين بأنّنا في المسيح جميعنا واحد.
تجدر الإشارة إلى أنّ البطريرك الماروني جرجس السبعلي أوفد الدويهي لفترة قصيرة في العام 1658 إلى حلب بصحبة أغناطيوس أندراوس أخاجيان (أول بطريرك سرياني كاثوليكي) مساعدًا إياه على ترسيخ أسس كنيسته. في ما بعد، واستجابةً لمطالب موارنة حلب، عاد إلى الخدمة فيها لنحو خمس سنوات ابتداءً من العام 1663 وذلك بعدما رُقّي إلى درجة البرديوطيّة. واكتسب الدويهي خبرة كبيرة في حلب، كما تركت عظاته أثرًا تجاوز الطائفة المارونية إلى سائر أطياف المدينة من المسيحيين، ليُلقَّب بـ«فم الذهب الثاني».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته