بيروت, الثلاثاء 2 يوليو، 2024
نجمة يسطع صوتها وحضورها في لبنان والوطن العربي والعالم. حفرت بصمتها عميقًا في فضاء الغناء والموسيقى، وكتبت تاريخًا فنّيًّا مكلّلًا بالمجد. هي ابنة الموسيقار اللبنانيّ الكبير حليم الرومي. فنّانة سكنَت بحنجرتها الفريدة كلّ بيت ووجدان. إنّها السيّدة ماجدة الرومي، تطلّ اليوم في لقاء خاصّ مع «آسي مينا»، لِتُشاركنا اختبارها النورانيّ المعزوف على أوتار الملائكة، ولتخبرنا بكلماتها -كما بصوتها- كم أنّ حدود السماء قريبة.
غنَّتْ لكثيرين من الشعراء والملحِّنين وأمام عدد من الملوك والرؤساء، وفي معظم المهرجانات الكبرى في العالم العربيّ، وعلى أهم المسارح العالميّة. وحصدَت ألقابًا عدّة، منها: «ملاك الطرب العربيّ» و«مطربة المثقّفين». تميّزت ماجدة الرومي بصوتها العذب الذي ينقل المستمع إلى عالم خاصّ، عالم مختلف عن الواقع.
شاركت في برنامج استوديو الفنّ عام 1974، فنالت المرتبة الأولى وخطفت أنظار لجنة التحكيم بعدما غنَّتْ: «يا طيور» للفنّانة أسمهان، و«أنا قلبي دليلي» للفنّانة ليلى مراد. وسجّلت أغنيتها الأولى عام 1975: «عم بحلمك يا حلم يا لبنان».
لا أعمل إلّا على ضوء قنديله
تقول الرومي: «الله هو الأساس الذي أنطلق من خلاله في كلّ يوم من عمري، وألمس حضوره في كلّ ما أفعله وفي جميع تفاصيل نهاري، البسيطة والصغيرة وحتّى الكبيرة منها، ولا أعمل إلّا على ضوء قنديله». وتُتابع: «أتخطّى صعوباتي من خلال ربّي، فأُصَلِّي وأُسَلِّم إليه أمري، وإذا تحقّق ما أريده أقول إنّ الربّ أراده، وإذا لم يحصل يكون غير مكتوب لي أن يتحقّق لسببٍ ما، ويجب أن أكمل طريقي. وهنا يكمن السؤال: هل أضع ثقتي بنفسي أم بربّي؟ أنا قرّرْتُ وضع ثقتي المطلقة بربّي».
في العام 2002، زارت الرومي رُفات القدّيسة تريزا الطفل يسوع في لبنان، ورنَّمَت لها: «من عتم الأيّام». اليوم ماذا تقول هذه الفنّانة الوطنيّة للبنان الذي يعرف الوجع والعتمة؟
تُجيب الرومي: «مثلما يختبر الإنسان التجارب والتحدّيات، كذلك البلدان تعيشها كلّها وتشهد أيّامًا صعبة، ولكن لا بدّ لهذه المرحلة أن تعبر أيضًا، ويبقى لبنان إلى الأبد موطن الآباء القدّيسين والناس الذين يصلّون من كلّ دين».
وتُضيف: «سيأتي يوم تنطوي فيه هذه المعاناة، وأنا واثقة ممّا أقول. أعلم ذلك من التجارب التي عايشها لبنان؛ فعمره أزليّ وسيكمل مسيرته، وسيمضي كلّ من سبّبَ له الآلام، وهو وحده سيبقى ويكمل طريقه، والأيّام الجميلة ستحلّ».
في العام 2012، عندما زار البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان، وفي خلال لقائه الشبيبة في الصرح البطريركيّ-بكركي تحت عنوان «سلامي أعطيكم»، حضرت الرومي، فما أبرز ما تتذكره من تلك اللحظات؟
تُخْبِر: «يوم زار البابا بنديكتوس لبنان، زارتنا البركة. وكم جميل أن يشعر الإنسان بأنَّه ينتمي إلى بيت مبارك؛ فبحضوره اكتملت العائلة المسيحيّة في البطريركيّة المارونيّة. أحسسنا يومها بأنّ أحدًا منّا لم يكن ناقصًا، سواء كنّا بالجسد أم بالروح».
سافر مجبرًا وسيعود بملء إرادته
تواصل الرومي حديثها: «أعلم أنّ كلّ لبناني ترك وطنه يعشق ترابه، ولكنّ الظروف باتت صعبة حدّ أنّها أجبرتِ العائلة على الانقسام بين الوطن وخارجه، فمن هم في الخارج يدعمون أهلهم في الوطن». وتردف: «عندما تنطوي الأيّام الصعبة ويسترجع هذا البلد عافيته، سيعود كلّ من تغرّب عنه، لأنّه سافر مجبرًا. سيعود ذات يوم بملء إرادته عندما يعطينا الربّ نعمة السلام والأمان وراحة البال والأيّام الجميلة».
الله يُكافئ العطاء بالفرح الكبير
عن اختلاف الإحساس بين الغناء والترنيم، تكشِف الرومي: «يختلف الإحساس بينهما؛ فعندما أكون في الكنيسة أشعر بأنّني أطير. لا يستطيع الناس أن يروا أجنحتي إنّما هي موجودة، فالله يعطيني إيّاها بالروح وأُحسّ بأنّ قدمَيّ لا تلمسان الأرض». وتردف: «سبحان الله، عندما يخصّه الأمر هو وكنيسته، تكون له بركة خاصّة. وأكثر من ذلك، عندما نعلم أنّ هذا العمل يعود ريعه إلى الناس المتألّمين، يكون الفرح حينئذٍ مضاعفًا. لذا يكافئ الله هذا العطاء بالفرح الكبير».
هكذا أشهد لإيماني
تضيف الرومي: «لكلّ منّا قناعاته، فربّما هناك من يخاف أن يشهد لإيمانه، وأنا لا ألومه؛ فالأوضاع صعبة، وهناك من يحبّ أن يترك ما يريد قوله لنفسِه أو لصلاتِه، فكلّ إنسان منّا يفكّر بطريقة مختلفة عن الآخر. وأنا أعطاني الله نعمة الوصول إلى آلاف الناس في العالم العربيّ». وتُكمِل: «صوتي الذي حمّله الله هذه النعمة الكبيرة، هو عطيّة ربّي، عليّ أن أحافظ عليها وأقدّرها؛ هذه الأمانة يجب أن أتصرّف بها بهذا الشكل، فأشهد لإيماني ولسيادة لبنان واستقلاله، لربّنا وللخير بالناس وللسلام».
وعن الترنيمة التي تردِّدها باستمرار من بين ترانيمها، تقول الرومي: «إنّها ترنيمة "ارحمني يا الله"، فهي لسان حالي، أنا وكلّ الناس. فمن مختلف الأديان، يصرخ الجميع: ارحمني يا الله».
فعل شكر لله
«أشكر الله على كلّ شيء، على الأمور التي أحزنتني كما على تلك التي أفرحتْ قلبي. لقد تعلّمتُ منها دروسًا صقلتني. وأشكره على كلّ ثانية عشتُها في حياتي، فلكلّ منها موضوع وبسمة ودمعة»، تقول الرومي. وتواصل فكرتها: «في النهاية، من هذه الأمور تعلّمتُ كيف أكون إنسانة صالحة. تعلّمتُ منها أن أسعى لأرجع إلى السماء».
(Story continues below)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنتريزا الصغيرة «كَمَشَتْني» بقلبي
تُخبر الرومي: «شفعائي بالدَّرجة الأولى هم قدّيسو لبنان، ولكن أستاذتي التي علّمتني وهذّبَتْ نفسي، وأعتبرُ أنّ فضلها كبير عليّ بقدر فضل أمّي وأبي، هي تريزا الصغيرة. فقبل ثلاثين عامًا، زرْتُ ليزيو-فرنسا، وشعرتُ حينها بأنَّ تريزا "كَمَشَتْني" بقلبي». وتتابع: «وبينما كنتُ في زيارتها، رحتُ أقرأ ما كتبته هذه القدّيسة. وبعدها أمضيتُ ثماني سنوات أطالع أعمالها الكاملة وأتعلّم، وقرأتُ ما حكته أخواتها: بولين وسيلين وماري وليوني. وقرأتُ أيضًا رسائل أمّها، حتى بتُّ أعرف كلّ ما يخصّ هذه العائلة. وبعد هذه التجربة كلّها، وجدتُ نفسي مختصّة بفكرها، فعلّمتني من دون أن أشعر بأنّها أستاذتي. ولكن أفتح القوسيَن لأقول: لديّ تقدير عظيم لقدّيسي الكنيسة القبطيّة، أحبّهم وأجدني قريبة بفكري منهم».
وتختم الفنّانة ماجدة الرومي حديثها بتوجيه رسالة إلى أسرة «آسي مينا»، قائلةً: «كلّ شخص منكم هو رسول للسّماء، مُرْسَل لجميع الناس، والأمانة التي بين أيديكم عليكم إيصالها بلا خوف من أيّ حواجز أو صعوبات تعترضكم أو مواضيع تُعاندكم في الحياة. أمّا عندما تُقفَل الأبواب مرّات في مكانٍ ما، فمردّ ذلك إلى أنّ الربّ فتح غيرها لتدخلوا منها». وتضيف: «تابعوا مسيرتكم بالشجاعة التي كانت لدى القدّيسين، فهذه أولى درجات القداسة؛ أن يتّخذ الإنسان قراره بمحبّة الله إلى المنتهى، ويكمل في الطريق التي فتحها الربّ له؛ وكما أعطاه المسيح وحمل صليبه والخروف الضالّ على كتفه، هكذا هو أيضًا محمول على كتفه. وهنا ينبغي أن يفهم دوره وكم عليه أن يعطي للمسيح حامله».
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته