الأحد 8 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

300 سنة على اتّحاد الملكيّين مع روما… ما دور مدينة حلب؟

البطريرك مكسيوس الثالث مظلوم وكاتدرائيّة السيّدة للروم الملكيين الكاثوليك-منطقة الجديدة في حلب السوريّة/ مصدر الصورة: مسيحيّو الشرق/جاد موصللي

يعود تاريخ كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك إلى القرن الأول، أي مع نشأة المسيحية. أما في التاريخ الحديث، فقد تأسست هذه الكنيسة الأنطاكيّة كطائفة مستقلة قبل 300 سنة، منذ أعلنت اتحادها مع الكرسي الرسولي في روما. وكان لحلب، التي يمكن اعتبارها مع بيروت عاصمة للكثلكة في الشرق، دور محوريّ في نشأة هذه الطائفة وصعودها.

ازدهرت حلب في القرون الأولى من العصر العثماني، وفي هذه الفترة عادت الحركة الرهبانيّة إلى الحياة بعد انقطاع طويل، بفضل الحلبيّين الملكيّين والموارنة السريان، ناقلين إيّاها إلى جبل لبنان. هذه الحركة تحديدًا كانت الممهّد الرئيس لشركة كرسي أنطاكيا الملكي مع نظيره في روما، والتي أُعلن عنها محلّيًّا عام 1724 وحصلت فعليًّا بعد خمسة أعوام.

نجد أول اهتمام جدّي من قبل روما بالشرق مع البابا غريغوريوس الثالث عشر الذي انتدب كاهنًا دومينيكانيًّا مالطيًّا يُدعى ليونار أبيلا إلى حلب ليسعى من أجل الاتحاد، فاجتمع مع البطريرك الأنطاكي المستقيل ميخائيل السابع نحو العام 1593. بعد مباحثات، وقّع البطريرك صورة الإيمان الكاثوليكيّة ووعد بالسعي إلى إعادة الاتحاد، لكنّه توفي قبل تحقيق أيّ خطوة ملموسة.

وبعد أعوام عدة، تمكّن الأب ليونار من إقناع أسقف حلب ملاتيوس كرمة (1612-1634) بالاتحاد، لكنّه عندما ارتقى إلى السدّة البطريركيّة عام 1634 (حاملًا اسم أفتيموس الثاني)، وافته المنية في العام التالي.

وكان كرمة قد شجع  الشباب الحلبيّين على الانضمام إلى دير البلمند (في لبنان اليوم). وقد تجمّع الرهبان في جناح خاص دعي «رواق الحلبية»، لتخرج بعد سنوات فكرة تأسيس جماعة مستقلّة، عرّابها الخوري نصر الله الحلبي؛ بعدها غادروا إلى خراج بلدة الشوير اللبنانية واستقروا في الخنشارة. وأنشأوا الرهبانيّة الباسيليّة الحناويّة، قبل أن تُقسّم الرهبنة إلى شويرية (بلدية) وحلبية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى تزامن أسقفية كرمة على حلب مع تأسيس البابا أوربان الثامن في العام 1622 مجمع انتشار الإيمان (دائرة عقيدة الإيمان اليوم)، آخذًا على عاتقه نشر الكثلكة في الشرق، ومتحولًا إلى مرجع لكلّ الرهبان والإرساليات الغربية، من فرنسيسكان ويسوعيين وكبوشيين وكرمليين، توافدوا إلى حلب ومنها انطلقوا إلى دمشق وصيدا وطرابلس وجبل لبنان وغيرها من المناطق.

كاتدرائيّة السيّدة للروم الملكيين الكاثوليك-منطقة الجديدة في حلب السوريّة. مصدر الصورة: جاد موصللي

تأسست الرهبنة الباسيليّة الحناويّة في عهد البطريرك الدمشقي أثناسيوس الثالث دبّاس الذي يمثل الحلقة الأخيرة من سلسلة الأساقفة والبطاركة الذين مالوا وتواصلوا -وأحيانًا قدموا صك الاعتراف بالوحدة ولو سرًّا- مع روما. وفي فترة استقالة دبّاس آثر التمسّك بأسقفية حلب وبقي مستقرًّا في المدينة، وكان قد جلب إليها أول مطبعة بحروف عربيّة في الشرق كله.

من بين أهم الشخصيات الحلبيّة في الرهبانيّة الباسيليّة في تلك الفترة، ميخائيل حكيم مطران حلب لاحقًا، وبطريركًا تحت اسم مكسيموس الثاني، ونقولا الصايغ ابن عم عبد الله الصايغ الملقب بـ«الزاخر» و«غوتنبرغ الشرق» إذ صنع مطبعة شهيرة وضعها في دير الشوير.

منذ حصول الاتحاد، لم يستطع إكليروس الروم الملكيّين الكاثوليك البقاء بشكل دائم في حلب بسبب تضييق السلطة العثمانية والروم الأرثوذكس عليهم، والذي اشتد عام 1818. واستمرت حلب مكانًا غير آمن للملكيين الكاثوليك نحو مئة سنة أي حتى العام 1825.

وقد جاء العقد التالي حاملًا معه بشائر ارتقاء شخصيّة حلبيّة قلّ نظيرها لسدة البطريركيّة، كانت المنقذة والحامية والمُنظّمة للكنيسة الملكية الكاثوليكيّة، ونافخة الروح فيها من جديد: البطريرك مكسيموس الثالث مظلوم. لتدخل معه الطائفة مرحلة جديدة في تاريخها.

يُذكر أنّ دور مدينة صيدا ومطرانها أفتيموس الصيفي شكّل المرتكز الآخر الأساسي الذي أدى إلى اتحاد كرسي أنطاكيا الملكي مع كرسي روما.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته