بيروت, السبت 16 أبريل، 2022
تعتبر "القدس" أرض المسيح والأنبياء والرّسل، وهي أيضًا أرض الحضارات وتاريخ الشّعوب. تغنّى الكثيرون بأرضها، ورسموا معالمها الرّوحيّة والمقدّسة، بألوان الصّلاة والخشوع. وكانت "القدس" تعرف قديمًا باسم "زهرة المدائن". وتشدّنا في هذه الأرض المباركة، كنيسة "القيامة" أو كنيسة "القبر المقدّس"، وهي كنيسة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس. بنيت الكنيسة فوق جلجثة أو الجلجثة، وهي مكان الصّخرة التي يعتقد أنّ "يسوع" صلب عليها. وتعتبر أقدس الكنائس المسيحيّة.
كتب الأدباء العرب وجدانيّات "القدس" بحبر من نور مفعم برجاء القيامة. ويستوقفنا الشّاعر "نزار قبّاني" في قصيدته "القدس" من حيث لغته الشّعريّة وإحساسه بالمكان وتجسيده للرّموز الدّينيّة بمختلف معتقداتها وبحثه عن سبل الخلاص. ومن المعروف تميّز "قبّاني" برومنسيّته، ولكن في هذه القصيدة تغيّر المشهد... "القدس" قضيّته وصرخة في أعماقه، وهو يناديها: "يا قدس، يا جميلةً تلتف بالسواد
من يقرع الأجراس في كنيسة القيامة؟
صبيحة الآحاد..."
ونتابع مع "قبّاني"، وهو يبكي ويصلّي ويجمع بين الأديان:
"بكيت... حتّى انتهت الدّموع
صلّيت... حتّى ذابت الشّموع
ركعت... حتّى ملّني الرّكوع
سألت عن محمّد، فيك وعن يسوع..."
وفي مشهد يثير في داخلك الاستفهام، إذ يربط قضيّة المسيح المتألّم بواقع إنسان اليوم، وهو يبحث عن خلاصه من قلب الأوجاع:
"من يوقف العدوان؟
عليك، يا لؤلؤة الأديان...
(Story continues below)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنمن ينقذ المسيح ممّن قتلوا المسيح؟
من ينقذ الإنسان؟"
ومن ثمّ، يؤكّد لنا في القدس الخلاص، فهي أقصر الدّروب بين الأرض والسّماء:
"يا قدس، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدّروب بين الأرض والسّماء..."
لا شكّ أنّ "قبّاني" جاد في رسم معالم هذه الأرض المقدّسة، بكلّ أبعادها الرّوحيّة والوجدانيّة والحضاريّة. كما يثير انتباهنا في هذه القصيدة أنّها تشبه إلى حدّ كبير في مضمونها قصيدة "زهرة المدائن" للأخوين الرّحباني "عاصي ومنصور". فهما يلتقيان في تصوير درب الخلاص وكيفيّة العبور نحو القيامة ومعانقة السّلام:
يا قدس.. يا حبيبتي
غدًا... غدًا.. سيزهر اللّيمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
وتضحك العيون..
... يا بلدي..
يا بلد السّلام والزّيتون..." (نزار قبّاني).
"الغضب السّاطع آتٍ وأنا كلّي إيمان
الغضب السّاطع آتٍ سأمرُّ على الأحزان
من كلّ طريق آتٍ بجياد الرّهبة آتٍ
وكوجه اللّه الغامر آتٍ آتٍ آتٍ...
...وبأيدينا سنعيد بهاء القدس
بأيدينا للقدس سلام آتٍ..." (الأخوان الرّحباني).
إذًا، أمام هذه المشهديّة وما تحمل من قدسيّة "زهرة المدائن"، فهي تدفعنا مسيحيّين ومسلمين للصّلاة والإيمان بالنّور السّاطع من قلب الموت. ونحن نتأمّل كيف سيسحق هذا النّور الأحزان... فنهتف: قام المسيح، قام الإنسان، حلّ السّلام...
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته