بغداد, الاثنين 13 مايو، 2024
تركت مجزرة كنيسة سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد أثرًا أليمًا في الذاكرة الإنسانيّة. ولا تزال جرحًا بالغ الأثر في قلوب العراقيّين عمومًا والمسيحيّين خصوصًا.
يومها، هاجم إرهابيّو تنظيم القاعدة المصلّين الأبرياء العزّل في الكنيسة الواقعة في منطقة الكرّادة في قلب العاصمة العراقيّة. فارتقت كوكبة من الشهداء يتقدّمهم الأبوان الشهيدان ثائر عبدال ووسيم القس بطرس، إضافةً إلى وقوع عشرات الجرحى، عشيّة عيد جميع القديسين في 31 أكتوبر/تشرين الأوّل 2010.
تجاوُز الألم بالأمل
لكن لطالما تجاوز مسيحيو العراق آلامهم بالأمل والرجاء بالربّ، ودكّوا مآسيهم أسسًا لمستقبلٍ يريدونه أجمل. هكذا صمّم الفنّان ثابت ميخائيل نصب شهداء سيدة النجاة وأبدع في تنفيذه لتبقى ذكرى شهداء الإيمان مفعمةً برموز الانتماء إلى أرض الأجداد ومزدانةً بالصلوات والرجاء.
يصعب على ميخائيل وصف مشاعره حينما كلّفه راعي أبرشيّة بغداد للسريان الكاثوليك المطران يوسف عبّا بتصميم نصبٍ يخلّد ذكرى شهداء مذبحة الكاتدرائيّة. فـ«الألم الممتزج بالتحدّي، كان دافعًا مؤثّرًا يحفّزني لأخلّد ذكرى شهداء الإيمان بأبهى صورة»، كما أوضح في حواره مع «آسي مينا».
أكاليل المجد والغار
يرتقي أعلى النصب تمثال العذراء مريم ملكة السماء والأرض. ويشرح ثابت: «تظهر العذراء الُممَجَّدة في السماء واقفةً فوق الكرة الأرضيّة، حاملةً بين يديها أكاليل المجد والغار المزمع أن يتكلّل بها هؤلاء الشهداء».
واسترسل الفنّان مبيّنًا ما تحفل به الكرة من نقوش. فهي ترمز بدلالاتها إلى تاريخ وجود المسيحيّين العراقيّين الموغل في القِدَم والممتد من خلال الحضارات السومريّة والبابليّة والآشوريّة إلى آلاف السنين.
وتابع: «تبرز الصلاة الربّية (الأبانا) محفورةً على الكرة الأرضيّة بالخطَّين السريانيّ في إشارةٍ إلى لغتنا الطقسيّة، والمسماريّ في إشارة إلى الكتابات السومريّة المدوّنة على الرقُم الطينيّة. إلى جانب القيثارة السومريّة ونهرَي دجلة والفرات، الرمزَين الأهمّ في الحضارة النهرينيّة».
دم الربّ ودم الشهداء
من الرموز المسيحيّة الحاضرة في النصب أيضًا، نجد السمك ودالية العنب المصنوع منه الخمر، الذي يتحوّل إلى دم الربّ في القدّاس. وقد امتزج دم الربّ بدماء الشهداء في قدّاسهم الأخير.
وشدّد ثابت على أهمّية تخليد أسماء الشهداء «كي لا ننسى شهداءنا الذين دوّنوا أسماءهم بأحرف من نور في سفر الحياة. لذا، خُطَّت أسماؤهم باللغتَين العربيّة والسريانيّة على جدارَين مرمريَّين يحملان الكرة».
يُذكر أنّ النصب أُنجِز في استوديو نينوس للنحت في بلدة بغديدا عقب تحرير نينوى من تنظيم داعش الإرهابي عام 2017. وصُنِع من مادّة البوليستر، ورُفِعَ على قاعدة كونكريتيّة مغلّفة بالمرمر في حديقة الكاتدرائيّة، شاهدًا على إيمان مسيحيّي العراق واستعدادهم للشهادة في سبيل إيمانهم ووطنهم، على مثال أجدادهم القدّيسين المشارقة على مدى التاريخ.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته