أربيل, الجمعة 3 مايو، 2024
يتردّد على المسامع أحيانًا مصطلح «السيمونيّة»، وقد يقرأه بعضهم من دون أن يفهم المعنى المقصود به. فما أصله؟ وهل هو صالح أم طالح؟
في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، يجيب الأب آرام روميل قيّا، من أبرشية ألقوش الكلدانية، عن هذه التساؤلات.
أصول تسمية «السيمونيّة»
يشرح قيّا أنّ جذور التسمية تعود إلى زمن الرسل. ويستشهد برواية سفر أعمال الرسل عن سمعان الساحر، الذي اعتاد إبهار الناس بسحره. فإذ رأى العجائب الجارية على أيدي الرسولَين بطرس ويوحنا وكيف «أنّه بوضع أيدي الرسل يُعطى الروح القدس»، عرض الدراهم لينال السلطان عينه. وقال الساحر: «أعطياني أنا أيضًا هذا السلطان، حتّى أيّ من وضعت عليه يديّ يقبل الروح القدس» (أعمال الرسل 8: 18-19).
ويوضح قيّا أنّ محاولة سيمون شراء مواهب الروح القدس بالمال قوبلت بشجب وإدانةٍ شديدَين من بطرس. فقال هذا الأخير للساحر: «تبًّا لك ولمالك. لأنّك ظننت أنّه يمكن الحصول على هبة الله بالمال!» (أعمال الرسل 8: 20). وأكّد بطرس أيضًا أنّ استحقاق هذه الموهبة لا يحتاج إلى أكثر من قلب مستقيم أمام الله.
المقصود بكلمة «السيمونيّة»
«من هنا انطلق مفهوم "السيمونية"»، يستطرد قيّا. ويتابع: «والمقصود به المُتاجرة بموهبة الله في الكنيسة ومحاولة نيل السلطة الدينية مقابل المال أو بالرشوة! لا سيّما نيل درجات كهنوتية بغير استحقاق (عبر شرائها بالمال)» ويضيف: «وشمل المفهوم لاحقًا كلّ خِدَمة دينية أو نعمة روحية تُعطى مقابل المال».
خطر على الكنيسة
يفسّر قيّا أنّ الكنيسة الكاثوليكية عانت من السيمونية المالية بصفتها أحد أكبر الأخطار التي عرفتها في تاريخها. «لا سيّما مع اتّساع انتشارها في أوروبا بشكل كبير في القرون الوسطى، عندما تداخلت السلطتان الزمنية والروحية»، على حد قوله.
ويوضح قيّا: «أوقعت السيمونيّة الكنيسة في مشكلات كبيرة، خصوصًا عندما تحوّل مفهوم نيل النعمة الروحية، من الممارسات الإيمانية والتقوية، إلى المتاجرة بالرتب والخدمات الكنسية المقدسة مقابل المال. فبرز كثيرون من رجال الدين غير الجديرين بالرتبة الكهنوتية وخدمتها، وتفاقمت الخطيئة وقتئذٍ».
ولاقت السيمونية رفضا شعبيًّا من قبل الجماعة الكنسية، وتعالت المطالبات بضرورة الإصلاح. فقامت في القرنين الـ14 والـ15 حركة في أوروبا الغربية انتقدت السلطة الكنسية، وسبقت بذلك الإصلاح البروتستانتي بقيادة مارتن لوثر والذي حصل في القرن الـ16.
انقسامات وانشقاقات بسببها
فيما «حرّمت كنيسة المشرق السيمونية وبيع المقدّسات، في مجمع حزقيال عام 576، دأبت مجامع الكنيسة الجامعة على محاربة هذه البدعة عبر حجب الرسامة عن أي متقدّم سيمونيّ الدوافع، ورفع الشرعية عن الانتخابات البابوية في حال اكتشاف سيمونية فيها. وحُدَّت ممارسة بيع صكوك الغفران».
وختم قيّا حديثه إلى «آسي مينا»، بالقول: «لم تكن هذه الصفحة بيضاء في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، بل تسبّبت في انقسامات وانشقاقات أفقدتها كثيرين من أبنائها. لكنّ الكنيسة سعت من خلال المجامع المسكونية وما زالت تسعى، إلى إصلاح الأخطاء والعودة إلى المسار الصحيح».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته