حمص, الأحد 7 أبريل، 2024
تحلّ اليوم الذكرى العاشرة لاستشهاد الأب فرانس فاندرلخت؛ ذاك الكاهن اليسوعيّ الذي قُتِل على يد ملثّم في السابع من أبريل/نيسان 2014، داخل دير الآباء اليسوعيين في حي بستان الديوان-حمص، سوريا.
حظي فاندرلخت بفرصة الخروج من حمص القديمة التي فرضت الحرب على أهلها موتًا وتهجيرًا وجوعًا، لكنّه أصرّ على البقاء. رفض الأب اليسوعيّ ترك من تبقّى، خصوصًا أولئك الذين لجؤوا إلى الدير وأقاموا عنده.
لم تنتظر رصاصة الكراهية التي اخترقت جسد فاندرلخت تنفيذ اتفاق الانسحاب ووقف الاشتباك بعد نحو شهر من مقتله. هكذا، خسرت سوريا قامةً في الفكر والعلم، بل قامةً في حبّ الإنسان، زرعت غراس الحياة في البلاد لنحو نصف قرن، وسقتها أخيرًا بدمها.
في حديث خاص إلى «آسي مينا»، أشار أستاذ الفلسفة في جامعة حلب-سوريا حليم حنا أسمر إلى أنّ فاندرلخت ولد في لاهاي-هولندا في 10 أبريل/نيسان 1938، وقد جاء إلى سوريا في الستينيات وبقي فيها حتى استشهاده. وأكّد أنّ الحديث عن أعماله يحتاج إلى ساعات طويلة.
وأوضح أسمر: «أهم المسارات التي تعطينا صورة عن الأب فرانس هي الرياضات الروحية الصامتة أو نصف الصامتة، منها ما كان يقيمها في أديار الجبال والقرى المنعزلة، عدا عن تنشيطه نشاط الحجّ مع نهاية اللقاء الصيفي لـ"جماعة الحياة المسيحية" اليسوعية».
وكشف أسمر، الذي رافق فاندرلخت منذ الثمانينيات وكان مسؤول المسير في حلب، أهمية مسار «الحكمة العملية» عند الأب الشهيد. وقال: «فرانس لم يؤمن بلاهوت إيماني مجرّد، بل أصبحت سوريا بالنسبة إليه كنيسة ومعبدًا مفتوحَين للإيمان والحياة والتنمية والإصغاء وحبّ الاستقبال. كان يستقبلك بطريقة يسوعية أغناطية استثنائيّة. يستقبل اختلافك عن الآخر، يستقبلك مثلما أنت».
وأضاف: «هنا يأتي نشاط المسير الذي ولّد جوًّا من الحوار وكان أشبه بمنبر حرّ للتعبير. وقد تكرّس ذلك من خلال الموضوعات الفكرية والاجتماعية التي كان يطرحها فاندرلخت فيه، وأوّلها حمل عنوان الانفتاح على الآخرين أو "من هو الغريب؟". في الحقيقة عمل على هذه الفكرة طوال حياته».
وأشار أسمر إلى أهمّية مشروع «الأرض» الذي أسّسه فاندرلخت في ريف حمص بنشاطاته المتنوعة؛ كالزراعة وإقامة معمل النبيذ بعد استقدام غراس الكرمة من بوردو الفرنسية، ومشغل السيراميك، ومدرسة للأشخاص المعوقين، ورياضة اليوغا والزن؛ بالإضافة إلى بنائه «دار السلام»، المكان الذي يستطيع فيه الإنسان عيش التصوّف والعزلة والصلاة أيًّا كانت معتقداته الدينية.
وختم أسمر حديثه عبر «آسي مينا» بالتشديد على أنّ فاندرلخت أتقن الانتماء وعاشه بمختلف أنواعه على أرضية العطاء والمجانية. وقال: «في لقائنا الأخير معه في حلب عام 2012 أكّد أنّه لا يستطيع نسيان ما قدمت له سوريا، ومثلما رحّبت به في أوقات السلم والرفاه، لن يغادرها في زمن الحرب والأزمات. آخر عبارة أذكرها منه: أنتظركم في حمص. لن أغادرها بل أنتم ستأتون إليها».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته