القدس, الأربعاء 27 مارس، 2024
في قلب مدينة القدس، يقف جبل الزيتون شاهدًا على تاريخ غني؛ فيحتضن ثلاثة مواقع دينية تُعرف معًا بـ«الجسمانية» وتشير إلى ليلة خيانة يهوذا للمسيح.
فهناك بستان الزيتون حيث انغمس المسيح بصلوات ملحّة قبل بدء محنته، ومغارة الجسمانية حيث قُبِضَ عليه، وكنيسة النزاع المعروفة أيضًا بكنيسة الأمم المُقامة تخليدًا للذكرى الأليمة في تلك الليلة.
كنيسة الأمم عند سفح الجبل
تقف الكنيسة اليوم صرحًا يُحيط به التاريخ والروحانية، عند سفح هذا الجبل المهيب. فترتفع على أنقاض كنيستَيْن سابقتَيْن، الأولى بيزنطية تعود إلى القرن الرابع، دُمّرت بفعل زلزالٍ عام 746، والثانية صليبية من القرن الثاني عشر، وتُعَدّ موقع «العذاب» حسب التقاليد.
وأشرفت حراسة الأراضي المقدسة على بناء الكنيسة الحالية في الفترة الممتدّة من 1919 إلى 1924. وصمّمها المهندس المعماري الإيطالي أنطونيو بارلوزي. وهي تتميز بعمارتها الفريدة الجامعة بين الطرازَين البيزنطي والحديث. وتُظهِر واجهتها الأمامية صفًّا من الأعمدة تعلوها لوحة فسيفسائية تُصوّر المسيح رمزًا للوصل بين الله والبشرية.
وتُعَدّ الكنيسة نتاج تعاون دولي. فقد مُوِّلَ بناؤها بتبرّعات أتت من بلدان عدة، وهو ما يُفسّر اسمها.
وتزيّن سقفها شعارات النبالة لاثنتي عشرة دولة متبرّعة، كلّ منها في قبة صغيرة منفصلة، وكذلك في الفسيفساء الموجودة على جدرانها الداخلية.
الكنيسة في المصادر التاريخيّة
تُشكّل الكنيسة جزءًا لا يتجزأ من التراثَين الديني والثقافي لمدينة القدس. فهي ذُكِرت في المصادر التاريخية منذ العصور القديمة. ويشير يوسابيوس القيصري في كتابه «حول أسماء الأماكن في الكتاب المقدس» إلى الجسمانية عند سفح جبل الزيتون بصفتها مكان صلاة منذ القرن الثالث.
وبين عامَي 381 و385، سافرت الحاجّة المسيحيّة إيجيريا إلى الأراضي المقدسة. هناك تحدثت عن كنيسة جديدة عُرِفت بـ«الأنيقة». وذكرت إيجيريا أنّها قضت ليلة تصلّي في ذلك المكان بجانب الجبل. وتابعت أنّ عند شروق شمس يوم الجمعة، نزل المؤمنون إلى الجسمانية على ضوء المشاعل، وقُرئ إنجيل اعتقال يسوع.
وتُظهر السجلات أنّ الكنيسة البيزنطية، المبنيّة في عهد ثيودوسيوس الأول، دُمّرت في الغزو الفارسي عام 614. واستمرّت العبادة في الموقع عبر العصور، بما في ذلك الفترة الصليبية حيث أُعيد بناء الكنيسة وتحويل الكهف الصخري إلى مكان للعبادة. ورغم الدمار الذي أحدثه جيش صلاح الدين الأيوبي عند دخوله المدينة في القرن الثاني عشر، بقي الموقع محطّة حجّ حتى القرن الرابع عشر. وهو يُعرف اليوم بـ«صخرة الرسل» تكريمًا للأحداث التاريخية هناك.
تُعدّ كنيسة الأمم شاهدة على الإيمان العميق. وتقف رمزًا للوحدة والسلام بين الأمم، وهي محطة مهمّة للزوار والحجاج القادمين من جميع أنحاء العالم للغوص في الدعاء بمزارات المدينة المقدسة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته