«إن فشلنا سينجح الله»… أقوال ميلاديّة من البابوات المعاصرين

روما, الاثنين 1 يناير، 2024

في عيد ميلاد يسوع قيل الكثير على مرّ التاريخ. فمن آباء الكنيسة إلى القديسين والليتورجيا المقدسة، مرورًا بالكتّاب والشعراء والأدباء، حاولت كلمات البشر وصف عظمة سرّ الكلمة الأزلي.

ومن روائع ما قيل في ولادة المسيح ما جاء على لسان البابوات المعاصرين. في الآتي بعض ما قاله خلفاء بطرس عن هذا العيد. 

هدف الميلاد بحسب بولس السادس

أكد القديس بولس السادس في العام 1972: «بإمكان كلّ واحد منكم القول: جاء الله إلى العالم من أجلي، ليقابلني، ليزورني، ليخلّصني... ربما لم تفكروا في أنّ هذا هدف الميلاد المباشر. وهذا ما أحاول الآن أن أجعلكم تفهمونه، أن أنقشه في ذاكرتكم. 

أصبح المسيح واحدًا منكم ليكشف لكم سرًّا يخصّكم، وهو أنّكم محبوبون من قبله! أنتم هدف، ونقطة وصوله من السماء. أنتم لستم أشخاصًا عاديين؛ فقلب المسيح لم ينسَكم. لستم مهمّشين ولستم رقمًا بين ملايين الأرقام؛ أنتم الإنسان، مثله، أنتم الشخص الذي يريد أن يلتقيه (...) أودّ أن تفهموا كرامتكم النابعة من ميلاد المسيح».

ضمانة الإنسان عند يوحنّا بولس الثاني 

أعلن القديس يوحنا بولس الثاني في العام 1978: «أتوجّه إلى كلّ إنسان، إلى الإنسان في إنسانيته. الميلاد عيد الإنسان. ففيه يولد كائن بشري. هو واحد من ملايين الأشخاص الذين وُلدوا، ويولدون، وسيولدون على الأرض. هو كائن بشري، وعنصر واحد في نطاق واسع من الإحصاءات. 

(...) ومع ذلك، هو في الوقت عينه، كائن فريد ومميز ولا يتكرّر. وإن كنّا نحتفل بميلاد يسوع بهذه الجلالة، فإنّه للشهادة أنّ كلّ إنسان شخص فريد لا يتكرّر. وإن فشلت إحصاءاتنا البشريّة وفئاتنا البشريّة وأنظمتنا السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة البشريّة وإمكانياتنا البشريّة البحتة في ضمان أن يولد الإنسان ويعيش ويتصرّف كشخص فريد لا يتكرر، فإنّ الله يضمن هذا كلّه. 

فبالنسبة إلى الله وأمامه، الإنسان دائمًا فريد ولا يتكرّر. هو شخص فكّر الله فيه واختاره منذ الأزل، شخص دُعي وتعرّف عليه باسمه الخاص».

البساطة ميزة الله في بنديكتوس السادس عشر

في العام 2006، شرح البابا اللاهوتي بنديكتوس السادس عشر أنّ «ما يشير إلى الله هو البساطة. ما يشير إلى الله هو ذلك الطفل. ما يشير إلى الله هو أنّه يجعل نفسه صغيرًا من أجلنا. 

هكذا يملك الله. فهو لا يأتي بالقوّة والبهاء الخارجي بل يأتي طفلًا هشًّا بحاجة إلى مساعدتنا. لا يريد أن يطغى علينا بقوّته، بل يزيل خوفنا من عظمته. يطلب حبّنا: لذا يجعل نفسه طفلًا. لا يطلب سوى حبّنا الذي عبره نتعلّم الدخول بشكل تلقائي في مشاعره وأفكاره وإرادته. 

بذلك نتعلّم العيش معه وممارسة تواضع التنازل المُنتمي إلى جوهر الحبّ. جعل الله نفسه صغيرًا حتّى نتمكّن من فهمه واستقباله وحبّه.

(...) أصبح الميلاد عيد الهدايا، تقليدًا لله الذي أعطى نفسه لأجلنا».

تساؤلات الميلاد بحسب البابا فرنسيس

في العام 2020، شرح البابا فرنسيس: «أنّ الآب لم يعطنا أمرًا ما، بل أعطانا ابنه الوحيد، الذي هو كلّ فرحه. ومع ذلك، إذا عاينّا نكران الإنسان للجميل تجاه الله، وظلمنا كثيرين من إخوتنا، يرتابنا الشكّ: هل أحسن الربّ بإعطائنا هذا كلّه، وهل من الصواب أن يظل واثقًا بنا؟ ألا يبالغ في تقديرنا؟  

نعم، هو يبالغ في تقديرنا، وهو يفعل ذلك لأنّه يحبّنا حتى الموت. لا يقدر ألّا يحبّنا. إنّه هكذا، وهو مختلف كثيرًا عنّا. هو يريد دائمًا الخير لنا، أكثر ممّا نريده لأنفسنا. هذا هو سرّه حتى يدخل قلوبنا. 

يعرف الله أنّ الطريقة الوحيدة لخلاصنا وشفائنا من الداخل، محبّته لنا: لا توجد طريقة أخرى. إنّه يعرف أنّنا نصير أفضل فقط عندما نستقبل محبّته التي لا تكلّ ولا تتغيّر، بل تغيّرنا. فقط محبة يسوع المسيح هي التي تغيّر الحياة، وتشفي الجراح العميقة، وتحرّرنا من الحلقات المفرغة المكوَّنة من عدم الرضى والغضب والشكوى».