أربيل, الاثنين 1 يناير، 2024
حظيت العذراء القديسة بمكانة فريدة في الكنيسة المشرقية. ولم يغب ذكرها عن رتبها وطقوسها. بل لا تكاد ليتورجيتها تخلو من ذكر مريم، أمّ المسيح العذراء، في انعكاسٍ لمنزلتها في الكتب المقدسة، لا سيّما باعتبارها البتول والدة الإله.
لمريم، الجامعة بين الأمومة والبتوليّة، مكانتها لدى آباء كنيسة المشرق وملافنتها، وعليها أغدقوا الألقاب المستحَقّة. لكنّ اللاهوت المريمي لدى آباء كنيسة المشرق يتحدث بالإجماع عن أربع حقائق إيمانية: «بتوليتها، وقداستها، وأمومتها، وشفاعتها»، وفق كتاب «مدخل إلى اللاهوت المريمي في تراث الكنيسة الكلدانيّة» للبطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو.
أوّل من ذكر مريم بين آباء كنيسة المشرق هو أفراهاط الحكيم. وفي سياق تعليمه حول بتوليتها يعتبر أفراهاط المسيح المولود من مريم، ومن الروح القدس «الابن البكر وابن مريم». ويعدّ «يوسف قد دُعِيَ أباه، من دون أن يكون من زرعه»، جازمًا ببتولية مريم عبر استشهاده بالنصَّين المقدّسَين في سفر أشعيا (7: 14) وإنجيل متى (1: 23).
أمّا في فكر مار أفرام، فالحَبَل بيسوع عجائبيّ والولادة عجائبيّة أيضًا. ومريم عذراء قبل الولادة وفي أثنائها وبعدها: «كانت مخطوبة بحسب الطبيعة قبل مجيئك. وحملت بخلاف الطبيعة بمجيئك أيّها القدوس. ومكثت عذراء إذ ولدتك بالقداسة». ولها يُنشد أفرام: «من ذاك الحشا البتوليّ، من دون زرعٍ أو زواج، الأم ولدت بأعجوبة، ابن الله الذي ظهر».
فيما تتجلّى بتوليّة مريم لدى نرساي الملفان في اعتباره حَبَلها قد تمّ عبر السمع. فـ«في الشهر الأوّل، زرع جبرائيل الحَبَلَ في أذنيها، فنمت سنبلة الحياة في التاسع». وكان حبل البتول من دون علاقة زوجيّة، «إنّما بقدرة الروح... حبلت البتول بخلاف الطبيعة وولدت من دون زواج، وهو الربّ كلّي القدرة والذي لا يتغير».
ويعتقد باباي الكبير اعتقادًا راسخًا أنّ حبل مريم تمّ «بإرادة الآب والروح القدس». ويشرح أنّ الكلمة قد تجسَّد وتأنّس من الروح القدس ومن مريم البتول، «من دون أن تُحلّ بكارتها وتفسد الأختام الطبيعيّة التي تؤكد طهارتها النقيّة».
خلاصة القول، إنّ مفهوم البتولية في الكتاب المقدس أبعد من الإشارة المادية، وأقرب إلى قلب بكرٍ طاهر لا نجاسة فيه، بحسب ساكو، الذي يوجز تعليم آباء الكنيسة. فـ«مريم العذراء هي والدة المسيح، الربّ المخلّص. بتول قبل الولادة وبعدها، وممتلئة نعمة، وأمٌّ في غاية الحنان، وشفيعة فاعلة»، على حدّ تعبيره.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته