بيروت, الجمعة 29 سبتمبر، 2023
تبدأ الأسبوع المقبل في الفاتيكان الدورة الأولى من المسيرة السينودسيّة للكنيسة الجامعة 2021-2024، «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة». إليها يصل بطاركة الشرق الكاثوليك وممثلون عن الكنيسة الكاثوليكية في العالم أجمع، وفيها يُتوقَّع طرح موضوع دور المرأة في الكنيسة.
وكان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي قد أطلق الشهر الحالي «الوثيقة التأسيسية للمسار السينودسي حول المرأة» وهي ثمرة مسيرة سينودسية خاصة بالمرأة. فلمَ هذه الوثيقة وماذا تتضمّن؟
فعن أهمية هذا العمل وتفاصيله، سألت «آسي مينا» ثريا بشعلاني، الأمينة العامة الفخرية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، ومديرة مركز الأبحاث للعلوم الدينية في جامعة القديس يوسف-بيروت، وعضوة اللجنة التي صاغت الوثيقة.
مسار الوثيقة
شرحت بشعلاني أنّ الوثيقة تستند إلى مسار سينودسي امتد بين عامَي 2020 و2023، أي قبل إطلاق البابا فرنسيس المسيرة العالمية عام 2021. وأضافت أنّ مسار السينودس حول المرأة كان ميدانيًّا عالميًّا، غطى الكنيسة المارونية في لبنان والعالم وشريحة من الكنائس والأديان الأخرى ومن العالم المدني اللبناني.
وفسّرت أنّ تسمية «تأسيسية» مهمّة جدًّا. فهي تعني «أننا بلغنا الجزء الأول أو المرحلة الأولى من المسار السينودسي الذي قدّم وثيقة تؤسّس لتكملة المسار السينودسي. فالتطبيق الميداني لم يبدأ بعد». وكشفت أنّه يُعمل على نسخات منها باللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية والإيطالية من أجل الموارنة المنتشرين في العالم وغير الناطقين باللغة العربية.
محتوى الوثيقة
قالت بشعلاني إنّ محتوى الوثيقة حصيلة العمل الميداني خصوصًا في الفصل الأول منها «التحديات»، والفصل الثالث «السياسات والتوجهات». هذان الفصلان يرتكزان «على ما سمعناه وأصغينا إليه من شعب الله والأديان الأخرى ومن المجتمع المدني حول المرأة والتحديات التي تعيشها في الكنيسة والمجتمع من أجل التفكير أكثر بدور المرأة ورسالتها في الكنيسة والمجتمع». ولفتت بشعلاني إلى أنّ الهدف السامي من ذلك هو كرامة الإنسان، ولصون كرامة الإنسان يجب أن نعرف دور المرأة ورسالتها في قلب الكنيسة والمجتمع.
أمّا الفصل الثاني من الوثيقة «الثوابت»، فهو «الهدية التي ستقدمها الكنيسة المارونية إلى الدورة الأولى من السينودس في روما. فقد أنجزنا دراسة معمقة جدًّا حول الثوابت البيبلية والأنثروبولوجية واللاهوتية عن كرامة المرأة ودورها في الكنيسة وأسندنا هذا الدور إلى ما يقوله الكتاب المقدس وما تقوله الأنثروبولوجيا الأنثوية وما يقوله اللاهوت».
وأضافت أنّ الركائز الثلاث للوثيقة هي: مشاركة المرأة في صناعة القرار، والقيادة الكنسية، والرتبة الشماسية بحسب التقليد الشرقي.
الجوّ العامّ للوثيقة
أخبرت بشعلاني أنّ العاملين على الوثيقة كانوا رجالًا ونساءً من كنائس مختلفة، مع أنّ الوثيقة صادرة عن الكنيسة المارونية. فمعظم العاملين عليها كانوا أيضًا في المسيرة السينودسية العالمية، مثل الأب غبريال هاشم، عضو اللجنة اللاهوتية العالمية، وكانوا يتابعون المسيرة العالمية والمسيرة المحلية. وأشارت بشعلاني، الأستاذة المحاضرة في اللاهوت العقائدي والمتخصصة بالكنائس الشرقية، إلى أنّ السينودسية ليست جديدة على الكنائس الشرقية، فهذه الأخيرة «سينودسية بطبيعة حياتها»، على حدّ تعبيرها.
وأردفت أنّ الوثيقة تُعلن ما يجب فعله، وقد كُلّفَت منسّقة مكتب راعوية المرأة في الدائرة البطريركية ببكركي الدكتورة ميرنا مزوّق من البطريرك الراعي رسميًّا تنفيذ هذه الوثيقة، ، وهي التي أدارت مسار العمل عليها. وسيتمّ ذلك عبر وضع استراتيجيات وأطر عملانية في الكنيسة المارونية يُطلب من الأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات الكنسية المارونية العمل بموجبها.
استراتيجيّة ما بعد الوثيقة
أكّدت بشعلاني أنّه ستوضع استراتيجية لتمكين المرأة وتأمين دورها ورسالتها وتنشئتها لتكون حاضرة في كل ما سيُطلب منها. ثمّ سيُعمل على الصعيد اللاهوتي، «فعندما نتكلم على انخراط المرأة في الكنيسة نطلب انخراط النساء أكثر فأكثر باللاهوت وأن يتثقّفنَ ويعلمنَ ويكون لهنّ مطرح في البحث والعلم والدراسات»، كما قالت.
وأردفت أنّ هذه ليست وثيقة أنثوية مطلبيّة أو نسويّة، بل إنّ المرأة هي 50% من الكنيسة لذلك حتمًا لها دور. فقد «كانت هناك شماسات بتقليدنا حتى القرن الثامن عشر. نحن متخصصات في هذا الموضوع، ولدينا الإثباتات». وبيّنت أنّ «دور المرأة هذا مناط بها في معموديتها وليس منّةً من أحد. هذه عطية من الثالوث الأقدس بيسوع المسيح بقوة الروح القدس بمعموديتنا. بسرّ التثبيت أُعطِينا ما أُعطي الرجل من مواهب لتأدية دورنا ورسالتنا في قلب الكنيسة... هذا بحكم اللاهوت».
الشؤون القانونيّة
في الشؤون القانونية، أوضحت بشعلاني: «لدينا قوانين في الكنيسة الكاثوليكية يمكن تطويرها كي تلاقي المبادئ اللاهوتية. فالقوانين الحالية تحتاج إلى عمل في الأحوال الشخصية بلبنان، على سبيل المثال، إذ يجب أن تكون أكثر فأكثر للمرأة المتقاضية في المحاكم حقوق بحسب كرامتها. ونطالب بأن تكون هناك قاضيات سيدات في المحاكم الروحية. فالكنيسة المارونية منفتحة على هذا الموضوع ويجب أن نحفّز السيدات القاضيات على دراسة قوانين كنسية والدخول إلى المحاكم الروحية».
مؤتمر العام المقبل
أعلنت بشعلاني أنّ مؤتمرًا عن هذا الموضوع سيُعقَد من 4 إلى 6 مارس/آذار 2024، بعد الدورة الأولى من السينودس وقبل الدورة الثانية المُزمع عقدها في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وقالت إنّ الهدف من ذلك التفكير بنتائج الدورة الأولى من السينودس وطرح بعض الأفكار الجديدة من أجل الدورة الثانية. فتظهر نتائج ذلك في الوثيقة النهائية الصادرة عن البابا والسينودس العالمي، «فينعكس ذلك في كنيستنا المارونية من خلال تأكيدها هذه الثوابت، فتصبح ثوابت في الكنيسة الكاثوليكية العالمية ويصبح تنفيذها ملزمًا أكثر لأنها آتية من الفاتيكان ومن المسيرة السينودسية العالمية».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته