نينوى, الجمعة 4 أغسطس، 2023
يتصاعد منسوب القلق في نفوس مسيحيّي العراق. ليس هذا القلق وليد العبث، إنّما هو نتيجةٌ صريحةٌ لتراكُم أحداث متواصلة منذ سنوات، لا تزال الساحة المسيحيّة العراقيّة بمختلف مكوّناتها تعيش فصولها المتعاقبة.
وفي تطوّر ميدانيّ يعكس مشهديّة القلق المتفاقم، نظّم مجلس الأساقفة في محافظة نينوى، والذي يضمّ كنائس كاثوليكية وأرثوذكسية عدّة، وقفةً احتجاجيّة اليوم. وكان من المفترض أن يشارك أساقفة نينوى جنبًا إلى جنبٍ مع جمعٍ من المتظاهرين في الوقفة الاحتجاجيّة، إلّا أنّ دخولهم إلى بغديدا أُعيق. فاقتصرت التظاهرة على حضور مطرانَين وبعض الأشخاص القريبين الذين تمكّنوا من بلوغ المكان.
وتأتي هذه الوقفة كردّ فعل على عدم جدية السلطات العراقية في التعامل مع أزمات المسيحيين في البلاد. ويتكرّس هذا الواقع في ظلّ استمرار القمع والتحديات التي يواجهها المسيحيون في مختلف جوانب حياتهم المعيشيّة في نينوى.
المطالب والحقوق
أشار مجلس الأساقفة في نينوى إلى الخلل الكبير في التعامل مع مطالب المسيحيين وحقوقهم. ولفت المجلس في بيانٍ إلى تصاعد القلق بسبب تزايد التحديات والصعوبات التي تعترض مسيرة الأقلية المسيحية في العراق. وأضاف: بعد العودة من تجربة التهجير القسري، كان متوقّعًا أن تسعى السلطات إلى توفير الحلول الجذرية لهذه الأزمات، إلا أنّ الأمور لم تتطوّر بالشكل المأمول.
وشدّد الأساقفة على جملةٍ من النقاط والمطالب أهمّها: وقف محاولات التغيير الديمغرافي في مناطق سهل نينوى التي تهدّد وجودنا على الأرض؛ والتمثيل العادل عبر تشريع قانون انتخابي يتساوى فيه أبناء الشعب العراقي بمختلف مكوّناتهم في انتخاب ممثليهم في السلطة؛ واحترام الرموز الدينية برفض الاعتداءات عليها والمطالبة بأن يكون ذلك محظورًا ومحميًّا قانونيًّا؛ وأخيرًا، توحيد القوات الأمنية وتنظيمها تحت قيادة واضحة لضمان استقرار المنطقة وحماية مصالح المواطنين.
تعليق المطران حنّو عبر «آسي مينا»
في سياق هذا التحرّك الاحتجاجي، كان لـ«آسي مينا» حديثٌ خاصّ مع المطران بنديكتوس يونان حنّو، رئيس أساقفة أبرشية الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك. قال حنّو: ننظّم هذه الوقفة احتجاجًا على عدم تلبية الحكومة مطالبنا كمسيحيين، وكمكوّن أصيل في هذه المنطقة. علمًا أننا ناشدنا الحكومة مرات عدّة ولم نتلقَّ أيّ إجابة واضحة إزاء طلباتنا الشرعية والقانونية والدستورية. وشدّد على أهمية حماية حقوق المسيحيين ومكوّناتهم في العراق.
وفي ما يتعلّق بصمت الحكومة المركزية عن موضوع التجاوزات في حقّ الرموز الدينية المسيحية قال حنّو: نرى أنّ هناك اعتداءً على رموزنا الدينية وفي المقابل لا نلمس أيّ ردّ فعل من الحكومة العراقية. يسبّب ذلك خرقًا وبلبلةً في صفوف الشعب، ما قد يفتح باب الهجرة مرةً أخرى.
وعلّق حنّو على قضية أصوات الناخبين أو ما يسمّى «الكوتا المسيحية» قائلًا: بعض الجهات السياسية تسيطر على مقاعد هذه الكوتا من خلال تجييرها الأصوات لطوائف أخرى. وبالتالي، ما يحدث اليوم هو استيلاءٌ صريحٌ على الكوتا المسيحية من قبل المكوّنات (الطوائف) الأكبر الموجودة في العراق. وطالب حنّو بحصر أصوات الكوتا بالناخبين المسيحيين ما يُتيح لهم انتخاب مرشحيهم بأنفسهم.
وكان البرلمان العراقي قد وضع قوانين انتخابية خاصّة بالأقليات الدينية في قوانين الانتخابات لعامَي 2013 و2018. تستند هذه القوانين إلى نظام الكوتا، إذ تُخصَّص 5 مقاعد للمسيحيين، و4 مقاعد للإيزيديين والصابئة المندائيين والشبك والكرد الفيليين. تُوزَّع هذه المقاعد في دائرة انتخابية مفتوحة تشمل جميع المحافظات، وتتيح للأقليّات فرصة الترشّح للمنافَسة على باقي المقاعد البالغ عددها 320 مقعدًا. في هذه الحالة، لا يُقدّم المرشّحون ترشيحاتهم بصفتهم ممثلين للأقليات.
تجدر الإشارة إلى أنّ مجلس أساقفة نينوى يتألّف من الأبرشيات الآتية: أبرشية الموصل للسريان الكاثوليك، وأبرشية الموصل وكركوك وكردستان للسريان الأرثوذكس، وأبرشية الموصل وعقرة للكلدان، وأبرشية القوش للكلدان، وأبرشية العراق والشرق الأوسط للكنيسة الشرقية القديمة، وأبرشية دهوك ونينوى لكنيسة المشرق الأشورية، وأبرشية دير مار متى للسريان الأرثوذكس.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته