أربيل, الاثنين 19 يونيو، 2023
بعد مرور 10 سنوات على ارتكاب تنظيم «داعش» جرائم حرب وإبادة ضد سكانها، خلت مدينة سنجار العراقيّة من مسيحييها بعد تدمير الكنائس ودور العبادة فيها. أصبحت بيوت المسيحيين خاوية، وهُجّرت العائلات المسيحيّة المتبقّية إلى مناطق أخرى، حفاظًا على حياة أفرادها وإيمانهم الذي تمسّكوا به منذ وصول المسيحيّة إلى بلاد الرافدين.
تُعَدُّ سنجار مأوى لكثير من الأقليات الدينيّة، بما في ذلك المسيحيّون. في السبعينيّات، قطنت حوالى 400 عائلة مسيحيّة سنجار في حين ضمّت هذه المدينة ثلاث كنائس: كنيسة يسوع الملك للسريان الكاثوليك، وكنيسة مريم العذراء للسريان الأرثوذكس (تضرّرت بشكل كبير جدًّا من جرّاء الحرب)، وكنيسة مار جرجس للأرمن الأرثوذكس (دُمّرت كلّيًّا).
مع تقدّم تنظيم الدولة الإسلاميّة «داعش» واحتلاله سنجار في العام 2014، تعرّضت الكنائس وممتلكات المسيحيين للتدمير. وقُتِلَ كثيرون، وخُطِفَ آخرون من المسيحيين وغيرهم، وهاجر الباقون منهم نتيجة تقلّب الأوضاع السياسيّة وعدم إعادة إعمار المنطقة المتضرّرة.
تدمير الكنائس والممتلكات في سنجار
في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أعرب رئيس أساقفة حدياب وسائر إقليم كردستان للسريان الكاثوليك المطران نثنائيل نزار سمعان عن أسفه حيال حجم الدمار الذي لحق بالكنائس وممتلكات المسيحيين في سنجار، بما في ذلك مدرسة الراهبات ومقبرة المسيحيين التي تعود ملكيّتها إلى الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة.
وقال المطران سمعان: «لقد دُمّرت الكنائس بالكامل، وفقدت المدينة سكانها المسيحيين الذين اضطرّوا إلى الهجرة نتيجة الاضطهاد وعدم الاستقرار».
وصمة عار داعش... اختطاف وقتل
عندما دخل تنظيم الدولة الإسلاميّة إلى سنجار، تدهورت أوضاع المسيحيين بشكل سريع في تلك المنطقة.
في هذا السياق، أخبر كبريل شمعون (66 عامًا)، مواطن مسيحي من سنجار، «آسي مينا» قصّته الشخصيّة ومعاناة المسيحيين في تلك المنطقة.
وأفاد شمعون بأن تنظيم «داعش» اختطف أربعة شباب مسيحيين في المنطقة وقتلهم، وهم نجيب فرنسيس، وجورج إبراهيم سيفو، وداوود عبد المسيح، وسعدالله بطرس ملكو.
وأضاف: «كما أُجبرت تسع عائلات مسيحيّة على اعتناق الإسلام بالقوّة». وتابع: «بعد مشاورات وحملة قام بها أهل المنطقة، تمكّنا من دفع مبالغ نقديّة لتنظيم الدولة الإسلاميّة مقابل إطلاق سراح العائلات المسيحيّة المُختطَفة».
وأشار إلى أن هذه العائلات المسيحيّة التي اضطرّت لاعتناق الإسلام بالقوّة قد نالت سرّ المعموديّة من جديد.
وخلص شمعون إلى القول: «لم تقتصر وحشيّة تنظيم الدولة الإسلاميّة على تدمير الكنائس فحسب، بل دمّروا أيضًا كل ممتلكات المسيحيين ومنازلهم»، مردفًا: «نحن لا نطالب بترميم الكنائس التي دُمّرت، بل نرغب في أن يظل هذا الدمار دليلًا على وحشيّة تنظيم الدولة الإسلاميّة ووصمة عار إلى الأبد».
ما مصير المُختطَفين؟
في 3 أغسطس/آب 2014، دخلت قوات الدولة الإسلاميّة إلى سنجار، فتعرّضت الأقلية المسيحيّة فيها لمعاناة شديدة.
في 18 ديسمبر/كانون الأوّل 2014، اختُطف سعد الله بطرس ملكو، البالغ من العمر 46 عامًا حينها، والذي كان يعمل فنّي كهرباء وموظفًا في إحدى المدارس الحكوميّة. ألقى هذا الاختطاف بظلاله على العائلة، وتسبّب بحالة من القلق والحزن.
في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أكدت غادة بطرس ملكو، شقيقة سعد الله المُختطَف، أن تنظيم الدولة الإسلاميّة هو من اختطف أخاها.
وعبّرت ملكو عن ألمها وقلقها حيال مصير شقيقها المُختطَف، آملةً في أن يُطلَق سراحه، ويعود إلى دياره سالمًا. كذلك، اختُطف قريبها داوود عبد المسيح، وهو لا يزال مجهول المصير حتى هذه اللحظة.
يُعتبر تعافي سنجار من الدمار واستعادة توازنها الأمني تحدّيًا كبيرًا، فإن تاريخها يشهد على المعاناة التي تعرّض لها المسيحيّون والأقليات الدينيّة الأخرى في السنوات الأخيرة. أما الوضع الأمني، فلا يزال هشًّا. وتحتاج المدينة إلى دعم وجهود مستمرة لإعادة البناء وتوفير الخدمات الأساسيّة لسكانها، واستعادة ثقة المسيحيين بالسلطات الدينيّة والحكوميّة، وتأمين الحماية للأقليات الدينيّة وضمان حقوقها، أملًا بعودتها إلى المنطقة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته