حلب, الخميس 8 يونيو، 2023
في أواسط القرن السابع عشر، ازدهر فنّ الأيقونة في مدينة حلب بالتزامن مع النهضة الدينيّة والثقافيّة والاقتصاديّة للكنيسة الأنطاكيّة. عرف هذا النمط ميزات خاصّة، وهو لا يزال يُذكر في تاريخ الفنّ الكنسي الشرق أوسطي حتى اليوم. للوقوف عند نشأة هذه المدرسة الفنّية وأعمالها، أجرت «آسي مينا» مقابلة مع رند أبو عقل، الحاصل على شهادة دكتوراه في الآثار الشرقيّة من جامعة سابيينزا في روما وماجستير في الآثار الكلاسيكيّة والإسلاميّة من جامعة دمشق.
شرح أبو عقل أن الأيقونة الحلبيّة تأثّرت بالمدرسة الكريتيّة والبيئة الحاضنة لها إذ أتى آنذاك الراهب اليوناني ملاتيوس الصاقزي إلى حلب، ونقل عنه بعض كتّاب الأيقونات في المدينة. فشرع المسيحيّون يزيّنون كنائسهم ومنازلهم بأيقونات لكتّاب يونانيين مقيمين في سوريا.
وقال أبو عقل إن مؤسس المدرسة الحلبيّة للأيقونة هو «الخوري يوسف ابن الحاج أنطونيوس بن رعد المعروف بـ"المصوّر" أو "الحلبي". وُلِدَ في حلب بأواخر القرن السادس عشر، وتتلمذ على يد أسقفها ملاتيوس كرمة، وكان مؤلفًا ومترجمًا وخطاطًا».
وفسّر أبو عقل أن أسلوب المصوّر عكس «الأمانة للتقليد البيزنطي، لكنّه سعى إلى تجديد التراث الشرقي والخط العربي في الأيقونة» إذ زيّن الكاتدرائيّة المريميّة في دمشق بالأيقونات بمعاونة الصاقزي، عند اعتلاء المطران كرمة السدّة البطريركيّة، على سبيل المثال.
وأضاف أبو عقل أن المصوّر هو أوّل من وقّع أيقوناته باللغة العربيّة، بخطٍّ جميل ضمن مستطيل مزخرف. ثمّ بدأ معظم كتّاب الأيقونات توقيع أيقوناتهم على طريقته. أمّا الذين سبقوه، فقد امتنعوا عن ذلك إذ اعتبروا أنفسهم غير جديرين بإمضاء أسمائهم على الأيقونات أو لأنّها كانت أعمالًا مشتركة لأكثر من واحد منهم.
ولفت أبو عقل إلى أن أعمال نعمة الله المصوّر وابنه حنانيا وحفيده جرجس «امتازت بملامحها العربيّة. فوجوه الشخصيّات كانت ذات نفحة شرقيّة، والأعين لوزيّة كبيرة وأهدابها واضحة. أمّا الحواجب، فكانت مقوّسة والأنوف مستقيمة».
وفي الختام، أشار أبو عقل عبر «آسي مينا» إلى أن المدرسة الحلبيّة استمرّت بالتطوّر على يد حنانيا الذي لقّن ابنه جرجس هذا الفنّ، لكن تأثّر هذا الأخير بالغرب أوهن هويّتها إلى أن تلاشت مع وفاته في أواخر القرن الثامن عشر.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته