الجمعة 22 نوفمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

بين الالتزام الأبدي والانفصال… ما أبرز أسباب الفشل الزوجي والحلول المطروحة للحدّ منه؟

المونسنيور نبيه معوّض/ provided by Mgr Nabih Mouawad/ACI MENA

"عندما تحبّ المرأة رجلًا، إنما تبحث فيه عن الله". هذا ما أعربت عنه كاتبة فرنسيّة آمنت بأن الحبّ يدعو القلوب إلى سلوك درب القداسة والتعرّف على الله.

يقابل هذه العبارة كلمات الشاعر الإيطالي دانتي أليغييري الذي رأى في محيّا حبيبته تجلّيات حبّ الله، فلم يتردّد بالإفصاح عن مكنونات نفسه تجاهها قائلًا: "هل تعتقدين أنني كنت قد اشتهيت رؤية الله بهذا المقدار لو لم ألمحه في نظرك؟ إن عينيك حيث كنت أحيا كانتا كأن الله يتبعني بنظره".

ربما قد يرى البعض العبارات المذكورة أعلاه بمثابة قصائد نثريّة لا تمتّ إلى الواقع بصلة، في زمن أضاع فيه الكثيرون بوصلة أفئدتهم إذ دلّتهم على وجهات خاطئة وأبعدتهم عن مصدر السعادة الحقيقيّة.

بين الالتزام الأبديّ والانفصال، ما خيار الأزواج؟ ما نسب الانفصال في الكنيسة الكاثوليكيّة في لبنان؟ ما الحلول التي تطرحها الكنيسة للحدّ من حالات الفشل الزوجي؟

أبرز أسباب انفصال الأزواج

في حديث خاصّ لـ"آسي مينا"، سلّط المونسنيور نبيه معوّض، عميد كلّية الشرع الكنسي في جامعة الحكمة والرئيس السابق للمحكمة الابتدائيّة الموحّدة المارونيّة وكاهن رعيّة مار مارون في طرابلس، الضوء على فشل الزواج وأسبابه وتداعياته والحلول المطروحة للحدّ من الوقوع فيه، موضحًا أن الكنيسة الكاثوليكيّة لا تستخدم كلمة "طلاق" بل "بطلان زواج"، علمًا بأن النتيجة تبقى نفسها أي حلّ الرباط الزوجي.

وقال إن أسباب بطلان الزواج (تُسمّى "موانع الزواج") عديدة، كالرضا والعمر وصيغة الزواج.

وشدّد المونسنيور معوّض على أن الأمراض النفسيّة تُعتبر من الأسباب الرئيسة المؤدّية إلى بطلان الزواج، مضيفًا: حسب الشرع الكنسي الكاثوليكي (القانون 818)، يُعدّ غير مؤهل لعقد الزواج: من ينقصه الإدراك الكافي، ومن يعاني من نقص جسيم في التمييز والحكم على الحقوق والواجبات الزوجيّة الجوهريّة الواجب على كليهما تقديمها وقبولها، ومن لا يستطيع تولّي واجبات الزواج الجوهريّة لأسباب ذات طابع نفسي.

وأوضح الفرق بين البطلان والهجر، قائلًا إن الأوّل يعني أن الزواج أُبطل ولم يعد قائمًا، أما الثاني فيعني انفصال الزوجين في حين أن رباط الزواج ما زال قائمًا، ولا يمكن الارتباط بشريك جديد.

وتابع المونسنيور معوّض: إن بطلان الزواج يأتي بسبب عدم أهليّة الشريك لإعطاء الرضا الصحيح بسبب نقص عنصر أساسي يكمن في كونه غير قادر على الالتزام.

ولفت إلى أن الاضطرابات النفسيّة للشخصيّة تؤثر على الرضا الزوجي مثل النرجسيّة والبارانويا والانفصام والهستيريا، مردفًا: 75 % من أسباب بطلان الزواج تعود إلى هذه الأسباب النفسيّة.

هل تُبطل الخيانة الزواج؟

في سياق متصل، قال المونسنيور معوّض إن العامل الاقتصادي يؤثر كثيرًا على الانفصال، ولا سيّما عند سفر الزوج وابتعاده عن عائلته، أو عمل المرأة واضطرارها إلى التغيّب عن منزلها بسبب دوام عملها الطويل، والضيقات الماديّة ورغبة الزوجة في التمثّل بطريقة عيش صديقاتها المترفات.

وأشار إلى أن الخيانة لا تُبطل الزواج، إلا إذا أبقى الزوج على علاقته بعشيقته السابقة بعد الزواج، وتُسمّى هذه الحالة التلجئة في حلية الأمانة.

وشدّد المونسنيور معوّض على أن الشرط الأساسي للابتعاد عن الخيانة يكمن في الالتصاق الدائم بالمسيح لأنه الضمانة الوحيدة عندما يلوح الخطر، فإذا غاب المسيح عن الحياة الزوجيّة، غابت عنها الأمانة والسعادة.

في المقابل، أكد أن لا قوّة تُبطل الزواج إذا كان صحيحًا، مضيفًا: في الكتاب المقدّس، أعاد يسوع الزواج إلى حالته الأولى حيث لم يكن الطلاق موجودًا (مت 5: 31-32) لأن "ما يجمعه الله لا يفرّقه إنسان" (مر 10: 9).

نسبة انفصال الأزواج إلى ارتفاع

في سياق آخر، تناول المونسنيور معوّض نسب الانفصال في الكنيسة الكاثوليكيّة في لبنان، فقال: منذ 5 سنوات، أفادت الاحصاءات بتسجيل 6000 عقد زواج في السنة لكن هذا الرقم تراجع حاليًّا، ولم تتعدَّ نسبة المنفصلين آنذاك 10 في المئة.

في العام 2010، تراوح عدد دعاوى البطلان والهجر التي تقدّم بها الأزواج إلى المحكمة الروحيّة بين 200 و250 دعوى في السنة.

في العام 2019، ارتفعت هذه النسبة، فتراوح العدد بين 600 و650 دعوى.

وحاليًّا، يبلغ عدد الدعاوى التي تُقدّم في المحكمة الروحيّة المارونيّة حوالى 650، وأغلبيّتها بطلان زواج مقابل الهجر (دعاوى الهجر قليلة)، ويستغرق وقت الدعاوى حوالى سنة في المحكمة الابتدائيّة و6 أشهر في المحكمة الاستئنافيّة، علمًا بأن بعض الدعاوى تنتهي في خلال 6 أشهر أو سنة، ولا سيّما عندما يكون الطرفان متّفقين على بطلان الزواج.

محاولات باءت بالفشل

وقال المونسنيور معوّض إن الكنيسة لم تنجح في الحدّ من انفصال الأزواج، والدليل على ذلك ارتفاع حالات بطلان الزواج، لافتًا إلى أنها سعت إلى جعل نسبه تتراجع من خلال الدورات الإعداديّة للزواج لكن محاولاتها باءت بالفشل.

إلى ذلك، أشار إلى إمكانيّة ارتباط المؤمنين بشركاء جدد بعد الانفصال عن بعضهم، لكن خياراتهم ستنعكس تداعياتها على النساء والأبناء أكثر ممّا ستؤثر على الرجال.

(Story continues below)

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

كلمة المسيح إلى الأزواج المنفصلين

في إطار الردّ على سؤال متعلّق بالكلمة التي يوجّهها الربّ يسوع إلى الأزواج المنفصلين في زمننا الحاضر، أجاب المونسنيور معوّض: لو جاء المسيح في هذا العصر ورأى الخلافات الزوجيّة، لكان توجّه إليهم بالقول: عيشوا الإنجيل! مضيفًا: في عرس قانا الجليل، أنقذ يسوع الزوجين من نفاد الخمر. عندما ينفد الحبّ، تقع الخلافات بسبب الابتعاد عن المسيح.

الحلّ الأفضل للحدّ من انفصال الأزواج

وختم المونسنيور معوّض حديثه عبر "آسي مينا"، مؤكدًا أن الحلول المطروحة للحدّ من انفصال الأزواج في الكنيسة تتمثّل في القرب من الله، ومردفًا: عندما تغيب المحبّة المسيحيّة عن علاقة الزوجين، تنقلب حياتهما إلى جحيم، فركيزة الزواج الأولى هي المحبّة لله والحبّ المتبادل بين الزوجين.

وأشار إلى أن الحبّ غرسة صغيرة يزرعها المتحابان عند قرار الالتزام في الزواج، وهذه الغرسة تبرز في وقت الزواج، وتنمو عندما يعيش الزوجان مع الأولاد في إطار عائلي موحّد ودافئ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته