الخميس 12 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

لبنان: عدّاد الموت إلى ارتفاع… ما دور الكنيسة في إنقاذ الشباب من الانتحار؟

صورة ترمز إلى دور الكنيسة في إنقاذ الشباب من الانتحار/ Provided by: Jackson David via Unsplash

في لبنان، كثيرون استسلموا لليأس الذي افترس كيانهم، بعد خسارة مصدر رزقهم ومعاناتهم من جرّاء الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة المتتالية، ووصولهم إلى الفقر المدقع، وسواها من الأسباب الأخرى، فأنهوا حياتهم.

ما الأسباب التي دفعت المتألمين واليائسين إلى وضع حدٍّ لحياتهم؟ هل من حلول مطروحة لثنيهم عن ولوج هوّة الموت؟ كيف تراوحت نسب الانتحار في لبنان منذ 2000 حتى 2023؟ ما دور الكنيسة في منع الشباب من الانتحار؟

أسباب الانتحار في لبنان

أكد البروفسور د. دال الحتّي، رئيس جمعيّة «مبادرات وقرارات للتنمية والمناصرة والريادة» ومنسّق قطاع التمكين والإبداع وأمين السرّ في شبكة التحوّل والحوكمة الرقميّة في لبنان، عبر «آسي مينا» أن هناك مخطّطًا تدميريًّا يسعى إلى هدم البنية التحتيّة الفكريّة والمجتمعيّة اللبنانيّة، ما يشجّع على هجرة الشباب، فتبقى البلاد للاجئين والنازحين، وتتحوّل إلى بؤرة من الفساد.

وعزا الأسباب الأساسيّة للانتحار إلى أربعة: الإعلام السيّئ أو المسيّس أو الأصفر الذي يدمّر التفكير لدى الإنسان ويحبطه، وسوء التربية الوطنيّة، والحصار الاقتصادي المؤدّي إلى الحرمان من التعليم والأموال وتدمير شبكة الأمان المعيشي والأمن الحياتي، والجانب الأسود من مواقع التواصل الاجتماعي (تحدّيات الموت)، وتفكّك البيئة الحاضنة وفقدان الأمان العائلي الدافع إلى المخدّرات أو الدعارة أو انسداد الأفق والتوجّه نحو الانتحار.

ولفت إلى أن 6 أشخاص (من 12 لغاية 16 عامًا) من أصل 16 شخصًا توفّوا بسبب تحدّيات الموت في تيك توك.

الانتحار في لبنان بالأرقام

أفادنا الحتّي بالأعداد الرسميّة لحالات الانتحار التي سُجّلت في لبنان منذ العام 2000، وفق ما جاء في الجدول الآتي:

العدد الرسمي لحالات الانتحار المسجّلة حسب قوى الأمن الداخلي والمستشفيات. Provided by: ACI MENA

وأشار الحتّي إلى أن الشهر الحالي شهد ارتفاعًا في عدد المنتحرين.

حلول مطروحة للثني عن الانتحار

اعتبر الحتّي أن الحلول المطروحة للثني عن الانتحار تتمثّل بالعودة إلى الإنسانيّة عبر التوعية الدينيّة السليمة، والتوعية في المدارس (التنمّر والمخدّرات ومواقع التواصل الاجتماعي)، وتحصين البيئة، ومحاولة التكيّف مع الواقع الاقتصادي الصعب.

دور الكنيسة في منع الشباب من الانتحار

في ظل الواقع الأليم في لبنان، ما الخطوات الفعليّة التي تقوم بها الكنيسة كي تمنع الشباب من الانتحار؟

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أكد الأب مروان عاقوري، خادم كنيسة القديسة ريتا-سنّ الفيل ومسؤول دائرة التواصل في أبرشيّة بيروت المارونيّة، أن دور الكنيسة يتمثّل في الإصغاء والإرشاد والمساعدة اللازمة المقدّمة للأشخاص الذين يفكّرون بإنهاء حياتهم، علمًا بأن الأسباب الاقتصاديّة تعود إلى تقصير الدولة في أوقاتٍ كثيرة.

وأوضح أن دور الكنيسة لا يكمن في أن تقوم مقام الدولة، لكنها تؤدّيه على قدر المستطاع من خلال أجهزتها واللجان الاجتماعيّة الموجودة في كل رعيّة، ومساندتها المتألمين في حدودٍ معيّنة.

وقال إن كثيرين يحتاجون للّقاء بيسوع وبشهودٍ له، وليعرفوا أن المسيح هو الإله الحيّ، مضيفًا: يسوع واجه أيضًا حالات مستعصية (الأبرص، النازفة، المرأة الخاطئة، المنبوذ، جابي الضرائب)، وقد أوصل المجتمع هؤلاء الأشخاص إلى العزلة، لكن حياتهم تغيّرت لمّا التقوا بالمسيح.

وشدّد على أن دور الكنيسة يتجلّى في الشهادة ليسوع الحيّ ولِلَمْسَتِه الشافية والمحوّلة، داعيًا هؤلاء الأشخاص إلى الالتزام في جماعة روحيّة ومحاولة معالجة أسباب معضلاتهم.

لاهوت القرب والشباب في الكنيسة

من جهته، وصف الخوري د. ميلاد عبّود، عميد شؤون الطلاب في جامعة الحكمة وكاهن معاون في كنيسة مار يوسف-الأشرفيّة، عبر «آسي مينا» واقع الشباب اللبناني لكونه يتواصل بشكل دائم مع آلاف الطلاب، قائلًا: تعكس وجوه هؤلاء الشباب ثقل الأيّام الحاليّة، وتسيطر عليهم أحيانًا فكرة الموت واليأس.

ورأى وجوب أن تكون الكنيسة (العلمانيّون والمكرّسون) قريبة من عالم الشباب وتفهم لغتهم وتفتح قلبها لهم وتلتقي بهم، وتجسّد لاهوت القرب (اللقاء والإصغاء)، وتقبل انتقادهم وتقدّم لهم يسوع المسيح، رجاء الحياة وكلمتها الأبديّة، وتقول لهم إن يسوع يحبّهم، وإنه عاش الصعوبات والاضطهادات والخيانة مثلهم، لكن ثقته بقيت ثابتة بأبيه السماوي، فيفهموا أن الحياة لها معنى وأن لهم دورًا فيها لأنهم حاضر الكنيسة ومستقبلها.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته