جوبا, الجمعة 3 فبراير، 2023
استهل البابا فرنسيس زيارته جنوب السودان بلقاء السلطات والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي بجوبا، موجّهًا كلمة شديدة اللهجة إلى المسؤولين في البلاد، في ظلّ واقع مرير ومعاناة مستمرّة.
وقال: «أتيتُ حاجّ مصالحة، حاملًا حلم مرافقتكم في مسيرتكم نحو السلام. لقد بدأنا الحجّ المسكوني من أجل السلام، بعدما سمعنا صرخة شعب بأكمله يبكي بكرامة كبيرة بسبب العنف الذي يعاني منه والانعدام الدائم للأمن والفقر والكوارث الطبيعيّة التي تعصف به».
ولفت إلى ما عانته البلاد من حروب وصراعات واشتباكات حادّة لا نهاية لها في حين تبدو عمليّات المصالحة مشلولة وتبقى وعود السلام غير محقّقة.
ودعا الجميع إلى تجديد الحياة الاجتماعيّة كينابيع صافية للازدهار والسلام، موضحًا أن ما يحتاج إليه أبناء جنوب السودان يتلخّص في هذه الكلمات: «آباء لا أسياد، خطوات ثابتة للتنمية لا سقطات مستمّرة».
وتابع: «لتترك السنوات التي تلت ولادة البلد وتميّزت بطفولة جريحة المجال لنموٍّ سلمي»، متوجّهًا إلى السلطات بالقول: «إن أبناءكم والتاريخ نفسه سيتذكّرونكم إن كنتم قد عملتم الخير لهذا الشعب الذي أُوكل إليكم لتخدموه. سيترك مجرى التاريخ وراءه أعداء السلام وسيرفع عاليًا الذين يصنعون السلام، فالكتاب المقدّس يعلّم أن "للمُسالِم ذرّية باقية" (سفر المزامير 37: 37)».
وتوقّف البابا عند كلمة «جمهوريّة»، شارحًا معناها المتمثّل في الاعتراف بأنّنا جمهور أي التأكيد أن الدولة هي للجميع ومن يحمل فيها مسؤوليّات أكبر، مترئسًا إيّاها وحاكمًا لها، لا يمكنه إلّا أن يضع نفسه في خدمة الخير العام.
وشدّد على أن هدف السلطة يجب أن يكون خدمة الجماعة، مؤكدًا ضرورة ألا تكون الموارد الوافرة التي بارك الله بها هذه البلاد محصورة في أيدي القلّة بل في متناول الجميع، وأن توضع في خطط الانتعاش الاقتصادي مشاريع من أجل توزيعٍ عادلٍ للثروات.
واعتبر أن «التطوّر الديمقراطي» أساسي من أجل حياة الجمهوريّة، وأنه يحمي التفرقة المفيدة بين السلطات، بحيث يستطيع من يدير القضاء أن يمارسه من دون تأثير من المشرّعين أو الحكّام.
وأشار إلى أن الديمقراطيّة تفترض أيضًا احترام حقوق الإنسان التي يحميها القانون، وخصوصًا حرّية التعبير عن الرأي.
وتمنّى الأب الأقدس ألّا يظلّ مسار الجمهوريّة نحو السلام في صعود وهبوط، بل يصبح قابلًا للعبور ولا يقع في مستنقع الخمول.
وأكد أن الوقت قد حان للانتقال من الأقوال إلى الأفعال، والالتزام من أجل تحوّل عاجل وضروري، مشدّدًا على أهمّية دور الشباب وإشراك النساء في المسيرات السياسيّة واتخاذ القرارات المناسبة واستقبال الآخرين كإخوة لنا.
ورأى أيضًا ضرورة تنمية علاقات إيجابيّة مع البلدان الأخرى للوصول إلى تنمية ملائمة، مشيرًا إلى المساهمة الثمينة للجماعة الدوليّة.
وختم البابا فرنسيس مؤكدًا أن كلماته تنبع من المودّة والاهتمام اللذين يتابع بهما أحداث البلاد مع الإخوة الذين جاء معهم حاجّ سلام.
من جهته، أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير أن حكومته مستعدّة للانخراط في مفاوضات سلام مع ائتلاف للفصائل المتمرّدة.
وكانت حكومة جنوب السودان قد انسحبت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من المحادثات التي انطلقت في العام 2019، برعاية جمعيّة سان إيجيديو الكاثوليكيّة المرتبطة بالفاتيكان، لكنها لم تتمكّن من كبح العنف في جنوب البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن الحبر الأعظم وصل إلى مطار جوبا الدولي عند الثالثة إلا ربعًا من بعد ظهر اليوم في رحلة رسوليّة تستمر حتى 5 فبراير/شباط الحالي.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته