بغداد, الخميس 2 فبراير، 2023
بحسب التقليد الكنسي، كانت كنيسة أورشليم أوّل من احتفل بعيد تقدمة الربّ يسوع إلى الهيكل في القرون المسيحيّة الأولى، فأَوْلَته تقديرًا عظيمًا لارتباطه بالدخول الأوّل للربّ إلى هذه المدينة وهيكلها المقدّس، واحتفلت به كنيسة روما والكنيسة الأنطاكيّة لاحقًا.
يصادف عيد تقدمة ربّنا يسوع المسيح إلى الهيكل في الثاني من فبراير/شباط من كل عام أي بعد أربعين يومًا على ميلاده إذ يخبرنا الإنجيل: «لمّا تمّت أيّام تطهيرها، حسب شريعة موسى، صعدوا به إلى أورشليم ليقدّموه للربّ» (لو 2: 22)، تتميمًا للشريعة التي فرضت في سفر اللاويين/الإصحاح الثاني عشر تقديم المولود البكر الذكر إلى الهيكل بعد أربعين يومًا على مولده «كما هو مكتوب في شريعة الربّ: أن كل ذكر فاتح رحمٍ يُدْعَى قدّوسًا للربّ» (لو 2: 23). ويأتي هذا العيد متزامنًا مع عيد سمعان (شمعون) الشيخ الواقع في الثالث من فبراير/شباط حتى إن بعض الكنائس قد دمجتهما.
الاحتفال بهذا العيد مرتبط بتطوافٍ بالشموع الموقدة التي ترمز إلى المسيح نور العالم (يو 8: 12)، ذلك النور الذي أعلنه سمعان الشيخ في هذا اليوم حينما قال: «الآن تطلق عبدكَ يا سيّد حسب قولك بسلامٍ لأنّ عينيَّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدّام وجه جميع الشعوب، نور إعلانٍ للأمم، ومجدًا لشعبكَ إسرائيل» (لو 2: 29-32).
رتبة تبريك الشموع
تشهد الكنائس السريانيّة الكاثوليكيّة احتفالات متميّزة بهذا العيد إذ يختصّ طقسه برتبة ليتورجيّة لتبريك الشموع.
عن هذه الرتبة، يقول الأب مازن متوكا راعي كنيسة مار بهنام وسارة السريانيّة الكاثوليكيّة في بغديدا: «بحسب كتاب "رتب الأعياد الكنسية-المعدعدان" المستخدم في كنيستنا، تُقام رتبة ليتورجيّة لتبريك الشموع ليلة العيد بعد صلاة المساء في بعض الأحيان، ويوم العيد قبل القداس في أحيانٍ أخرى».
ويشير متوكا إلى ما تتضمّنه هذه الرتبة من صلوات رائعة يتلوها المحتفل: «أهّلنا اللّهم لنيل بركاتك وإنعاماتك، قدّس أفكارنا وضمائرنا وحواسنا لكي نقتبلك روحيًّا في هذا اليوم، كما اقتبلك سمعان الشيخ البار وحملك على ذراعيه، فنهتف لك بشموع التمجيد: يا نورًا اعتُلن للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل، نسبّحك ونباركك، الآن وكل أوان وإلى الأبد».
نور المسيح ينير القلوب
استعدادًا للاحتفال بهذا العيد، تُحضّر الشموع الخاصّة المسمّاة محلّيًّا «الفند-فندا» وهي كلمة سريانيّة معناها «الغصن الصغير». وهذه الشموع الرفيعة القوام أشبه بالغصن الغضّ.
في هذا السياق، يقول الأب متوكا إن المتطوّعين يتسابقون بفرح ومجّانيّة لنيل البركة بمشاركتهم راعي الكنيسة وساعورها في تصنيع «الفندا» الذي يتمّ بطريقة فنّية إذ يجري تكسير قوالب شمع العسل الخالص إلى قطع صغيرة، ثمّ تسخينها حتى تصبح سائلة القوام، فتغمس الخيوط المعدّة مسبقًا لهذا الغرض في وعاء الشمع السائل لتمرّ من تحت خشبة ذات فتحة مثلّثة الشكل، فتتغطّى الخيوط بالشمع الذي يتجمّد بمجرّد خروجه إلى الهواء. وتتكرّر هذه العمليّة مرّات عدّة إلى حين وصول الشموع إلى السمك المطلوب ليجري تقطيعها لاحقًا إلى أطوالها المعتادة.
يصلّي المحتفل مباركًا هذه الشموع، ومتضرّعًا إلى الله بالقول: «اجعل بها نعمتك الفائضة لتكون ينبوع الطهارة، شفاء الأمراض والأوجاع، صحّةً للأنفس والأجساد، خزيًا للأبالسة، نجاةً من المضرّات، طهرًا من آلام الخطيئة، وتقديسًا لمنازل المؤمنين».
في ختام الاحتفال، يحمل المؤمنون الشموع المكرّسة إلى بيوتهم، كنايةً عن نور المسيح الذي يزيل الظلمة وينير قلوبهم ومنازلهم، سائلين شفاعة سمعان الشيخ في عيده المقترن بعيد تقدمة الربّ إلى الهيكل.
ويخلص الأب متوكا إلى القول إن هذا العيد يتزامن أيضًا مع يوم المكرَّس، مَنْ يقدّم حياته لله على مثال يسوع الذي قدّمه أبواه لله في الهيكل. هذا المكرّس المدعوّ إلى أن يكون فاعلًا بالنعمة، واقفًا على أرض الإيمان الصلبة، يصبح جسرًا يربط جميع الناس الذين يلتقيهم بالله، وعلى مثال هذه الشموع، يحمل نور المسيح إلى العالم.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته