روما, الأحد 1 يناير، 2023
«إذا نظرتُ في هذه الساعة المتأخّرة إلى العقود التي قضيتها، أرى أوّلًا كم أملك من دوافع للشكران. أشكر الله بذاته أوّلًا، موزّع كل العطايا الصالحة، والذي أعطاني الحياة وقادني في لحظات الارتباك المتعدّدة، رافعًا إيّاي كلّما انزلقت ومعطيًا إيّاي دائمًا وبشكل متجدّد نور وجهه». هكذا تبدأ الوصيّة الروحيّة للبابا بنديكتوس السادس عشر التي نشرتها دار الصحافة الفاتيكانيّة بعد ساعات على وفاته.
كتب البابا هذه الوصيّة في 29 أغسطس/آب 2006، أي بعد سنة وأربعة أشهر على تولّيه السدّة البطرسيّة، وأُبقيت قيد الكتمان حتى وفاته. ويكتب الباباوات عادةً وصيّة تُنشر بعد وفاتهم. وبعد انتقال بنديكتوس إلى الحياة الأبديّة، نشر الفاتيكان هذا النصّ إثر 16 عامًا على كتابته.
يعلن بنديكتوس في وصيّته أن الدروب المظلمة والمتعبة في حياته ساهمت في إهدائه الخلاص. ويشكر البابا الراحل أهله الذين أعطوه الحياة «في زمن صعب وجهّزوا له مسكنًا رائعًا، عبر تضحيات كبرى». يشيد البابا بإيمان والده المتوقّد وتعبّد والدته العميق وطيبتها الكبيرة. كما يخبر عن مساعدة أخته له لعقود باهتمام حنون وأحكام أخيه الواعية.
يشكر الأب الأقدس الراحل أيضًا الله من أجل أصدقائه ومساعديه ومعلّميه وتلامذته، مسلّمًا إيّاهم جميعًا إلى طيبة العليّ. ويرفع البابا الشكران إلى الله أيضًا من أجل موطنه الجميل، منطقة بافاريا الألمانيّة، ومن أجل سكّان تلك المنطقة الذين اختبر الإيمان من خلالهم، بحسب تعبيره.
يصلّي البابا الألماني في وصيّته من أجل سكّان بلاده حتى لا يبتعدوا عن الإيمان. ويعتبر أن إيطاليا أصبحت بلده الثاني، شاكرًا الله على ما اختبره في مختلف مراحل حياته.
يتوجّه بنديكتوس إلى «كل من أُسْلِمَ في الكنيسة إلى خدمته» قائلًا: «ابقوا راسخين في الإيمان! لا تسمحوا بأن تُرْبَكوا! غالبًا ما يبدو أن العلم -العلوم الطبيعيّة من ناحية والبحث التاريخي من ناحية أخرى (بالأخصّ تفسير الكتاب المقدّس)- يقدّم نتائجَ غير قابلة للجدل وتتناقض مع الإيمان الكاثوليكي. لقد عايشت تحوّلات العلوم الطبيعيّة منذ زمن طويل وتمكّنت من الاستنتاج أن التأكيدات المناقضة للإيمان قد تلاشت، وتبيّن أنها ليست علمًا، بل تفسيرات فلسفيّة ترتبط بالعلم فقط بشكل ظاهري. منذ 60 عامًا، أرافق مسيرة اللاهوت وبخاصّة العلوم البيبليّة. ومع توالي الأجيال، شاهدت تداعي نظريّات بدت ثابتة ليتبيّن أنّها مجرّد فرضيّات: مثل الجيل الليبرالي (هاماك وخوليكير وغيرهم) والجيل الوجودي (بولتمان وغيره) والجيل الماركسي. رأيت وأرى كيف برزت وتبرز عقلانيّة الإيمان من جديد عبر تشابك النظريّات. يسوع المسيح هو حقًّا الطريق والحقّ والحياة، والكنيسة، بكل نواقصها، هي حقًّا جسده».
وفي ختام الوصيّة، يطلب البابا بنديكتوس الصلاة من أجله كي يقبله الله في المساكن الأبديّة، على الرغم من كل خطاياه ونواقصه.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته