بيروت, الاثنين 7 نوفمبر، 2022
لم يتوانَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن إعلاء الصوت وتأنيب أهل السلطة المتقاعسين عن إيجاد الحلول المنشودة للأزمات التي تثقل كاهل المواطنين اللبنانيين ودعوتهم إلى اختيار رئيس جمهوريّة متمكّن قادر على إنقاذ البلاد، فعبّرت عظاته الأخيرة عن رأي البطريركيّة المارونيّة بما آلت إليه الأمور من فراغٍ على المستويَيْن الرئاسي والحكومي.
أكد الراعي رفضه 7 أمور أساسيّة وصفها بالبدع ولخّصها بالآتي: شلّ البلاد، وتعطيل الدستور، والحؤول دون تشكيل حكومة، ومنع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وفرض الشغور الرئاسي، واستباحة رئاسة الجمهوريّة، والإجهاز على لبنان وميزاته ونموذجيّته ورسالته في الشرق والعالم.
جريمة بحقّ الشعب اللبناني!
جدّد البطريرك الماروني في عظاتٍ عدّة الدعوة الملحّة لانتخاب رئيس جديدٍ للجمهوريّة اللبنانيّة، واصفًا الجلسات البرلمانيّة المنعقدة في الآونة الراهنة بالمسرحيّة، فقال: من يدقّق في تحرّكات عددٍ من النواب في الجلسات النيابيّة الأخيرة يكتشف فورًا أنّهم في مسرحيّة لا تخلو من المزاجيّة عوض أن يكونوا في احتفالٍ سعيدٍ يقدّمون من خلاله للبنان رئيسًا مقبولًا من اللبنانيين»، مضيفًا: «لقد أصبحنا في ذروة الفساد السياسي الأكثر شرًّا من الفساد المالي. وصرنا في واحة الخيانة الوطنيّة.
وطرح الراعي الأسئلة الآتية: هل من خيانةٍ تجاه الوطن أكثر تعطيلًا من تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة؟ وهل من طريقٍ مصوّب نحو انقسام الوطن أكثر من الشغور الرئاسي؟ أهكذا تتجاوبون مع البيان الصادر عن مجموعة الدعم الدوليّة من أجل لبنان الصادر في الخامس من تشرين الأوّل 2022، والداعي لانتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستوريّة، والكاشف أهميّته ودوره في الداخل والخارج في الظروف الراهنة؟
كما أعرب عن خشيته من استمرار ربط جلسة انتخاب الرئيس المقبل بتوافق لا يحصل، واصفًا الفراغ الرئاسي بالجريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة في حالتَيْهِما الراهنتَيْن.
مواصفات الرئيس المقبل
حدّد الراعي مواصفات رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة المقبل، فقال: الشعب يحتاج رئيسًا يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدّد إقامته فيها. إنّ الواقع الخطير في البلاد يستوجب انتخاب رئيس للجمهوريّة يكون ذا خبرة في الشأن العام ومواقف سياديّة.
ورأى أنّ الشغور الرئاسي ليس قدرًا على لبنان بل مؤامرة عليه بما يشكّل في هذا الشرق من خصوصيّة حضاريّة يسعى البعض إلى نقضها.
لا لإقصاء الدور المسيحي عن السلطة!
شدّد الراعي على أهميّة دور رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة، موضحًا: ليس رئيس الجمهوريّة لزوم ما لا يلزم، وليس حاجبها بل حاكمها والمشرف على انتظام عمل مؤسّساتها.
وجدّد دعوته إلى النوّاب لانتخاب رئيس جديد من أجل استمرار صيغة الشراكة الوطنيّة ولعب لبنان دوره التاريخي والمستقبلي، فتوجّه إليهم بالقول: تريدون لبنان كيانًا واحدًا؟ انتخبوا رئيسًا للجمهوريّة. تريدون دولة لبنان الحديث؟ انتخبوا رئيسًا للجمهوريّة. تريدون استمرار صيغة الشراكة الوطنيّة؟ انتخبوا رئيسًا للجمهوريّة. تريدون أن يلعب لبنان دوره التاريخي والمستقبلي؟ انتخبوا رئيسًا للجمهوريّة.
إلى ذلك، حذّر البطريرك الماروني من إقصاء الدور المسيحي والماروني تحديدًا عن السلطة، مؤكدًا أن أيّ سعي لتعطيل الاستحقاق الرئاسي يهدف إلى إسقاط الجمهوريّة.
واعتبر أنّ انتخاب الرئيس شرطٌ حيويٌّ لتبقى الجمهوريّة ولا تنزلق في واقع التفتّت الذي أَلَمّ بدول محيطة، مردفًا: لا يوجد ألف طريق للخلاص الوطني والمحافظة على وحدة لبنان بل طريق واحد هو انتخاب رئيس للجمهوريّة بالاقتراع لا بالاجتهاد، وبدون التفافٍ على هذا الاستحقاق المصيري. إنّ الدساتير وُضِعَتْ لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، لا لإحداث شغور رئاسي.
الحلّ المنشود للبنان
رأى البطريرك الماروني أنّ الحلّ المنشود للبلاد يقوم على وحدة الولاء للبنان، والسيادة والاستقلال، والحياد واللامركزيّة الموسّعة، ونظام الاقتصاد الحرّ، والانفتاح على المحيط العربي والإقليمي والعالمي، وتطوير الحياة الدستوريّة، انطلاقًا من اتّفاق الطائف بتنفيذه روحًا ونصًّا.
وذكّر مرّات عدّة بدعوته إلى مؤتمر من أجل تطبيق الطائف، وسدّ الثغرات الناتجة في الدستور، وتصحيح اختلال النظام الديمقراطي في ممارسة الحكم، وإعلان المحافظة على حياد لبنان وتحييده، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وحلّ قضيّة اللاجئين الفلسطينيين.
وأشار إلى أنّ الإسراع في إجراء الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة الضروريّة تنقذ لبنان وتعيد النظام المصرفي اللبناني إلى دورته الطبيعيّة، مضيفًا: إنّ لدى الدولة طرقًا كثيرة لإنقاذ أموال المصارف والمودعين، لكنّها مع الأسف ترفض استعمالها لأسبابٍ باتت معروفة، وتروح نحو حلولٍ وخططِ تَعافٍ تستلزم المراجعة والتصحيح والتعديل.
وسط الواقع المرير الذي يتخبّط فيه اللبنانيّون، هل تلقى دعوات أعلى سلطة كنسيّة في لبنان آذانًا مصغية؟
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته