شمّاسٌ ملتزم في الكنيسة إلى أقصى الحدود. متأمّل ومبشّر ومؤثّر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونهمٌ إلى الغذاء الروحي، ومندفع إلى خدمة الإخوة. رفع نظره إلى السماء وتخلّى عن الأمجاد الأرضيّة ليرث الملكوت.
سؤالٌ طرحه مسلم قلب حياته رأسًا على قلب، فسارع ليغرف من ينبوع الحبّ الحقيقي كي ترتوي روحه ويتشدّد كيانه في مشواره الجديد.
إنه بيار نجيم الذي ينقل لقرّاء "آسي مينا" اختباره الرائع، ويخبر عن مسار مبارك مفعم بالمفاجآت السارّة.
شرارة التغيير… سؤال مسلم!
"في الماضي، كانت حياتي عاديّة كسواي من أترابي، وكنت مهتمًّا بمباهج الحياة وأفراحها، وبعيدًا عن الإيمان والصلاة… لم أكن ملتزمًا أو متعلّقًا بالكنيسة لكن ما عشته اقتصر على تطبيق الوصايا العشر كما ربّاني أهلي"، يخبر بيار.
"لم أحفظ يوم الربّ، ولم أكن أعرف أن أصلّي، ولم أشعر بوجود الله في حياتي… كنت تائهًا ولم أهتمّ بالغذاء الروحي، فكان الإنجيل مجرّد كتاب ينقل مراحل حياة يسوع والرسل… قضيت الوقت بالسهر والعمل إلى أن كبرت وتزوّجت، وحصلت على فرصة عمل رائعة في الخليج وراتب مغرٍ. نجحت في عملي الجديد، متّكلًا على قوّتي الذاتيّة، وحظيت بترقية سريعة.
في أحد الأيّام من العام 2009، في خلال عملي في الخارج، التقيت مسلمًا، فسألني: هل أنت مسلم أم مسيحي؟ عندما قلت له إنني مسيحي، طلب مني أن أخبره عن المسيح. عندئذٍ، جمد الدم في عروقي. أضاف الرجل: ما بك؟ أخبرني عن المسيح الذي تعتبره إلهًا وتعبده؟
لم أنبس ببنت شفة… ماذا سأقول له؟ هل سأخبره بأنني لا أعرف المسيح ولم أقرأ الإنجيل حتى أخبره عنه؟ اكفهرّ وجهي وتغيّرت ملامحي كأنني تلقّيت صفعة مؤلمة نفسيًّا وروحيًّا.
فقال لي: يبدو أنك لا تعلم شيئًا عن دينك عكسنا تمامًا لأننا نعلّم أولادنا قراءة القرآن منذ الطفولة!... وذهب ممتعضًا...
أعجز عن وصف الحالة التي أصابتني، كأنني صُعقت، ففقدت القدرة على الحركة، وعدت إلى المنزل حزينًا. لم أنم في تلك الليلة، وراحت التساؤلات تهزّ كياني: كيف فشلت اليوم على الرغم من نجاحي المهني وثقة الناس بي؟
Trending
1
2
3
4
5
بعد تفكير مطوّل، أجهشت بالبكاء، وبقيت صامتًا حتى اليوم التالي".
(Story continues below)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
ويتابع بيار: "في ذلك اليوم، عزمت على التحديق في العلى حيث الربّ قائم، وتأكدت أن حلّ المشاكل بقوّتي الذاتيّة موقّت وغير مجدٍ. حينئذٍ، قرّرت إنهاء عقد العمل في الخارج بعد 5 أشهر على توقيعه والعودة إلى لبنان لأبدأ مشواري الجديد، فجُرّدتُ من حقوقي لأن أرباب العمل استاؤوا من قراري المفاجئ، ضاربًا عرض الحائط بالنجاحات التي حقّقتها في الوقت القصير الذي أمضيته في الخليج. لم أتراجع عن قراري، وقلت في قرارة نفسي: يسوع أهمّ من المال. تخطّيت العراقيل وعدت خالي الوفاض إلى بلدي.
عند وصولي إلى لبنان، توجّهت مباشرة إلى عنايا وسط استغراب جميع الأصدقاء وتساؤلهم عن سرّ التغيير، ولا سيّما أنني لم أتحدّث يومًا عن يسوع أو الدين أو الصلاة… دخلت إلى الدير وسجدت باكيًا أمام ضريح مار شربل… الربّ غيّر مسار حياتي، كأن يدًا امتدّت إلى روحي وغمرت قلبي ودفعتني إلى السير في دروب جديدة. أراد الله أن يريني أن طريقي ستكون السماء والصلاة والكنيسة والتعبّد. العالم زائل، والأمجاد فانية. قرّرت التخلّي عن أمجاد الأرض!"
"بطرس الصخرة"
ويضيف بيار: "منذ ذلك الحين، بدأت التبشير والصلاة والتزمت في بيت الله. شاركت في الرياضات الروحيّة مع الإخوة والأخوات إذ كنت جائعًا إلى كلمة الربّ، وغصت في قراءة الإنجيل والكتب الدينيّة، وتأثرت بالقديس أغسطينوس إذ كان من الخطأة الكبار وأصبح فيما بعد قديسًا عظيمًا لأنني كنت منزعجًا بسبب بعدي عن يسوع. لقد تأخّرت كي أعرف الربّ، لكنني أجدّد توبتي يوميًّا.
إن الله يرافقني على الدوام ويعطيني نعمة التمييز، بعد الغوص في المطالعات الروحيّة. منذ 4 سنوات، قرّرت دراسة اللاهوت، ورغبت في أن أصبح كاهنًا لكن وضعي الاجتماعي لم يسمح لي بتحقيق حلمي، فأصبحت شمّاسًا في خدمة الله.
لقد ساعدني مرشدي، وأطلق عليّ اسم "بطرس الصخرة" أو "رجل الله". بتّ ملتزمًا مع الربّ، وأسّست صفحات تبشيريّة عدّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسمّيتها "بطرس الصخرة"…
معجزة متجدّدة كل يوم
ويقول بيار: "إن حضور الربّ في حياتي مدّني بالأمل والصبر ونعمة التمييز بين الخطأ والصواب والمحبّة والقوّة وروح الخدمة، وبدّل حياتي، وبات هدفي السعي إلى خلاص نفسي والآخرين.
يكلّمنا الربّ من خلال الأشخاص والأحداث التي تحصل معنا منذ ولادتنا حتى موتنا. نعيش في حالة عجائبيّة، وينجّينا الخالق بنعمته ورحمته من أيّ أمر يبعدنا عن طريقه. أربط كل الأحداث بالإيمان، متأكدًا من أنها حصلت لمجد الله. أمسيت مسالمًا وترسّخ إيماني في الكلمة، وبتّ أسعى إلى أن أرضي يسوع من خلال أعمالي وأقوالي، فسلّمته حياتي كلها.
أثق بأن الله إلى جانبي ولن يتركني، وأعده بأنني لن أتركه، لهذا يظلّ قلبي نابضًا بالفرح والشكران.
يتجلّى حضور الربّ في الأحزان والأفراح والصعاب والضيقات، وألمس حضوره دائمًا إذ تُذلّل كل العقبات بنعمته، ما يجعلني أبكي من شدّة الفرح. عانيت من وضع صحيّ دقيق ووضع ماليّ متردٍّ، وخضعت لعمليّات جراحيّة عدّة جعلتني أتوقف عن متابعة دراستي اللاهوتيّة، فأدركت أن الربّ يريدني أن أبشّر في عائلتي، وليس عبر الكهنوت.
رغبتي في أن أكون قرب يسوع والكاهن والمذبح جعلتني ملتزمًا في خدمة القداس بشكل دائم".
مفاتيح السماء والفرح الدائم
ويؤكد بيار عبر "آسي مينا" أن مفاتيح حلّ المشاكل في السماء التي تمنح الحياة الأبديّة وتمثّل المقرّ النهائي للفرح الدائم مع يسوع ومريم، سائلًا الله أن ينجّيه من أيّ عمل قد يغيظه.
ويختم قائلًا: "كل يوم، أجدّد شكري لله على العطايا التي أغدقها على حياتي، راجيًا أن أعاين وجه يسوع وأتنعّم به للأبد. إنه الهدف الذي رسمته لحياتي على أمل أن أرث الحياة الأبديّة مع المسيح.
شهادة حياة شاب لبناني طموح، جمع من فصول العمر 23 ربيعًا، وتخصّص في إدارة الأعمال في الجامعة الأميركيّة في بيروت. نمت بذور الإيمان في قلبه منذ صغره حتى شبابه الذي أغناه بالإصغاء إلى كلمة الله والانفتاح على الآخر. قلبه النابض بالحبّ شجّعه على المشاركة في مسيرة الكنيسة السينودسيّة، والالتزام في حركة "مبادرات التغيير". يعمل في تطوير البرامج، ويحبّ خوض الاختبارات الجديدة. إنه أنطوان شلالا الذي يشارك قرّاء "آسي مينا" اختباره في العبور نحو الآخر المختلف، وثمار مشاركته في المسيرة السينودسيّة.