السبت 7 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

الأب بيتر حنا يرفع سيف الكلمة في العالمَيْن الواقعي والرقمي

الأب بيتر حنا/ Provided by: Father Peter Hanna

من لبنان، برز كاهن كاثوليكي جبّار يعلي الصوت ليبلغ أعلى قمم جباله الشامخة، تارةً ترنيمًا، وطورًا دفاعًا عن الكلمة ونصرةً للضعفاء والمتألمين.

لا يساوم، لا يستسلم، لا يحابي الوجوه. يقول كلمته ويمشي. أسدٌ جَسُور، عرينه الكلمة الحقّة والجريئة.

كالنبي إيليّا، يستلّ سيفه بشجاعة، رافعًا إيّاه في وجه أوثان العصر الخاطفة. «أقسم الربّ ولن يندم: أنتَ كاهنٌ إلى الأبد» (مز 110: 4).

لا يهاب الحروب والضغينة والجهل لأن سلاحه الحبّ. الربّ ائتمنه على وزنات كثيرة لأنه «كان أمينًا على القليل، فأقامه على الكثير» (مت 25: 21). قسمات وجهه تنقل سلام المسيح وفرحه، وابتسامته الدائمة ترنيمة شكر لله.

إنه الأب بيتر حنا، كاهن رعايا فالوغا وحمّانا والشبانيّة للروم الكاثوليك الذي يخبر «آسي مينا» عن مسيرة نابضة بالحبّ الإلهي ونقل البشرى إلى المؤمنين عبر العالمَيْن الواقعي والرقمي.

الأب بيتر حنا. Provided by: Father Peter Hanna

هكذا بدأت قصّتي مع يسوع

«منذ نعومة أظفاري، ترعرعتُ في كنف كنيستي، وأصبحتُ صديقًا لكثيرين يستعدّون للتكرّس، ولمستُ روعةَ أن يكون الله جزءًا من حياة الإنسان، بل كل حياته، فرغبت في أن أكون مثلهم. وهكذا بدأت قصّتي مع يسوع»، يقول الأب حنا.

«أحببتُ أسلوب هؤلاء الشمامسة الذين كانوا يقصدون قريتي ليقوموا بنشاطات عدّة في الصيف، ويهتمّوا بالشبيبة. قرّرتُ أن أتبع الربّ إلى النهاية، فأضحى قضيّتي بل حياتي. في التاسعة من عمري، أعلمتُ أهلي بقراري: سأصبح كاهنًا!

كنتُ متأثرًا بالأمّ تريزا والبابا يوحنا بولس الثاني. كانت قداستهما جليّة قبل انتقالهما إلى الحياة الأبديّة».

الربّ يبارك موهبتي

يخبر الأب حنا عن بركة مهمّة أغنى بها الربّ حياته، قائلًا: «اكتشفتُ موهبة الصوت الجميل في الثانية عشرة، وكنتُ آنذاك ملتزمًا في جوقة، وساعدني الأب نعيم كوريّة على صقل هذه الموهبة.

ربيت مع الجوقة في الكنيسة، وغدوتُ من الشبيبة الملتزمة على الدوام. عندما كبرتُ، درستُ الموسيقى البيزنطيّة في معهد القديس بولس-الجمعيّة البولسيّة في حريصا، وأصبحتُ مدير الجوقة المؤلفة من شمامسة لأكثر من 5 سنوات. عندما نزلتُ إلى بيروت، بدأتُ تسجيل الترانيم، ولطالما شعرتُ بأن الربّ يقود خطواتي.

أمزج في الترنيم بين الطقسَيْن الشرقي والغربي لأنني أودّ أن أُبرز أنهما غير مختلفين، وأن جمعهما ممكن. أسبّح الربّ عبر الاثنين. وأحيانًا، أجمع الطقسَيْن الماروني والبيزنطي في الميلاد والآلام والفصح ليكتشف المؤمنون الذين يتبعون طقسًا معيّنًا جمال الطقس الآخر.

لا أؤمن بأنني أمتلك شيئًا بل أؤمن بكرم الله تجاهي، وإن كان لديّ ما أعطيه، فأنا أقدّمه لمجد الله واسمه القدوس. الربّ هو المعطي والمنمّي والمُبارِك، ويعطيني ممّا لديه وأكثر ممّا أستحق».

الأب بيتر حنا يرنّم. Provided by: Father Peter Hanna

مريم… الأمّ المُصغية والمُحِبَّة

يصف الأب حنا علاقته بمريم العذراء، نجمة الصبح التي أهداها ترانيمَ مريميّة رائعة حصدت ملايين المشاهدات، بالقول: «إنها أمّي التي تصغي وتعمل وتحبّ. عندما أعطانا الربّ مريم، عرف أننا بحاجة إلى قلبها النابض بالعاطفة؛ كانت قرب يسوع دائمًا، شجاعة وصامتة. لم تكن مريم أمًّا حاضرة فحسب، بل درسًا لي وإنجيلًا يشجّعني كي لا أتراجع في مسيرتي نحوه».

بين مسؤوليّات الزواج والكهنوت

في ما يتعلّق بإمكانيّة التوفيق بين العائلة والرعيّة، يقول الأب حنا: «الاثنتان عائلتي. عندما يعطي الربّ الإنسان مسؤوليّات معيّنة، يهبه القدرة كي يهتمّ بها ويوفّق بينها. طبعًا، أولويّتي أسرتي لأن من لا يهتمّ بعائلته ومن لا خير له في بيته، لا خير له خارجه.

عائلتي هي الرعيّة الأولى التي وهبني الله إيّاها قبل أن أصبح كاهنًا. أهبها كل الحبّ والحضور، ولا أتعامل معها فقط كأب بل ككاهن. كان ولداي بياترو وطوني يبلغان من العمر 4 سنوات عندما رُسِمْتُ كاهنًا وحضرا رسامتي الكهنوتيّة. وهما يتمتّعان بالصوت الجميل والخامة المصلّية، وسأهتمّ بصقل موهبتهما.

أما زوجتي نادين، فهي قادرة على لعب دوري الأمّ والأب عندما اضطرّ للابتعاد عن العائلة، إذ تقوم بالمهمّات اللازمة في غيابي. نادين شريكتي في تلقّي الأولاد تربية مسيحيّة، وتساعد ولدَيْنا ليتمتّعا بالأخلاق الحميدة، وهي محافظة ومصلّية. حضورها الرعويّ جميل وشفّاف، وأبناء الرعيّة يحبّونها ويجدونها قريبة منهم إذ تهرع للخدمة بصمت».

الأب بيتر حنا مع عائلته في رسامته الكهنوتيّة. Provided by: Father Peter Hanna

الصعوبات في الرسالة

(Story continues below)

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

يعتبر الأب حنا أن أبرز الصعوبات التي تواجهه في رسالته تتمثّل في إمكانيّة إرضاء جميع الناس لسهولة سوق الاتهامات تجاه الكهنة إذ إنهم يجعلونهم في موضع الكمال، وبعضهم يتّهمونهم بالتقصير في أداء مهامهم، كزيارات العائلات والاهتمام بدفع الناس للمجيء إلى الكنيسة أو حياة الرفاهية وتقاضي المال.

ويتابع: «بالنسبة إليّ، أنا لا أتقاضى مالًا ولا أعيش حياة الرفاهية لأنني راهب في الأصل، وأرفض امتلاك أيّ شيء، فلكي أعيش الحياة بملئها، يجب أن أكون حرًّا منها.

أقول للربّ على الدوام: أنا أهتمّ بأولادك، أرجوك اهتمّ بأولادي!

هذه العبارة تعبّر عن ثقتي بأن الله يدير الأمور في حياتي لكنني مدعوّ للمجّانيّة في العمل. لستُ فنّانًا بل كاهنًا أعطاني الله الفرصة كي أرتّل بين الناس ومعهم».

الأب بيتر حنا يقبّل ابنه في رسامته الكهنوتيّة. Provided by: Father Peter Hanna

لا للمساومة!

يؤكد الأب حنا أنه لا يتحدّث في الفيديوهات التي ينشرها عبر صفحته الخاصّة من منطلق الحكم على الآخرين، على الرغم من قساوة بعض أقواله لأنه لا يساوم لكنّه يتحدّث بمحبّة ولطف. ويضيف: «يقول المهاتما غاندي: يمكننا هزّ العالم كلّه بلطف!

وأنا بدوري أعتمد المعيار عينه! عندما أتناول الديانات الأخرى، أبتعد عن التجريح بل أقول: هذا إيماني وذاك إيمانكم، وأضع النقاط على الحروف.

أحيانًا، يهاجمني البعض المنتمون إلى الأديان الأخرى. أما المؤمنون المسيحيّون، فأنا مُبارَكٌ بوجودهم.

أُحارَب لأنني كاثوليكي على الرغم من كوني غير طائفي…

أحيانًا، لا أردّ إذا كان التعليق مستفزًّا. وأحيانًا أخرى، أجيبُ بلطافة. أتجاهل أصحاب الأسلوب القاسي. لديّ أسلوبي وليس ضروريًّا أن يعجب الناس. أريد أن أعيش قناعتي. أنا صادق ولا أمثّل كي أكسب الناس».

الأب بيتر حنا في رسامته الكهنوتيّة. Provided by: Father Peter Hanna

صوتٌ صارخ في العالم الرقمي

يخبر الأب حنا «آسي مينا» عن انطلاقة صفحته الخاصّة التي بدأت باسم «السير مع يسوع» في العام 2015، ومن ثمّ بدّل اسمها وتابع منشوراته عبرها بعدما نالت الترانيم التي نشرها الإعجاب وحصدت متابعات كثيرة.

ويشدّد على أن صفحته تضجّ بمواقف قويّة، وغدت متنفّسًا له وقناة تصله بالكثير من الناس في لحظة، وآراءه مستندة إلى تعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة. أمّا التفاعل الكبير مع منشوراته فهو نعمة يشكر الربّ عليها ويعتبر أنه لا يستحقها.

ويوضح: «الجرأة تُعدي، ورسالة كنيستي تعتمد على كلمة واحدة هي الشجاعة. ما أحاول القيام به يتمثّل في تشجيع المؤمنين على التحلّي بالجرأة. لا تخافوا ولا تتراجعوا! أعد أولادي وأبناء كنيستي بأن أكون شجاعًا على الدوام. المسيح يكره الخوف والجبن، ويقول في مواضع عدّة: لا تخف!»

أوّل الكهنة المبادرين إلى المساعدة

عن المبادرات والنداءات المستمرّة التي يطلقها عبر صفحته، يقول الأب حنا: «وصلتني طلبات هائلة للمساعدة عبر صفحتي، بدأت بنداءات للتبرّع بالدم، ولمسنا تفاعلًا كبيرًا. بعدئذٍ، التفّت الشبيبة حولي كي تساعدني لأن عليّ التأكد من هويّة طالبي المساعدات.

لقد أحدثنا فرقًا كبيرًا باسم الربّ! لا يعود الفضل لي أبدًا. لم أعطِ من مالي الخاصّ. أضع الإعلان وأتحدّث بصدق، فيقدّم الناس يد المساعدة. تمكّنا من تأمين تكاليف عمليّات جراحيّة للأطفال، ودفع أقساط تلاميذ، وإرسال حصص غذائيّة، وسواها من الحاجيّات.

الربّ يطلب مني أسبوعيًّا أمرًا ما في حين يُعِدُّ أولاده للمساعدة. عندما يبعث المحتاج، يرسل من يستطيع المساعدة أيضًا، وأنا ألعب دور الرابط بين الأشخاص.

وأكبر مكافأة بالنسبة إليّ عندما نساعد الأشخاص في إجراء العمليّات اللازمة لإنقاذهم من الموت (الأطفال، مرضى السرطان…)، ويعود الفضل في ذلك إلى القلوب المُحِبَّة التي تقدّم الدعم».

الأب بيتر حنا يحمل الصليب. Provided by: Father Peter Hanna

نقاط القوّة والضعف

يؤكد الأب حنا أن نقاط قوّته تتمثّل في اثنتين: الجرأة واللطف. أما نقاط الضعف، فتتلخّص في اثنتين أيضًا هما: الخوف من خسارة صفة اللطف، ما يجعله أكثر حرصًا عند تسجيل الفيديوهات كي لا تكون نبرته عالية أو قاسية، وخطر الوقوع فريسة الكبرياء بسبب المديح.

«ماذا ترغب في أن يتغيّر في العالم؟ وماذا تودّ أن تُغيّر في العالم؟» عن هذا السؤال، يجيب الأب حنا: «أرغب في أن أتغيّر وأكون في حالة أفضل من الماضي. لا أحبّ أن أفكّر بالأمور التي يجب أن تتغيّر في العالم بل أضع المسؤوليّة على نفسي لأعمل على تطويرها».

الرقم 1؟

«هل تعتبر نفسك الرقم واحد على صعيد الكهنة الكاثوليك المبشّرين والناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟» يجيب الأب حنا: «الناس يصنّفون وليس أنا. تصنيفي لنفسي يعني أنني سقطت. كما سبق وقلتُ إنني في حرب دائمة مع الكبرياء. أعود إلى التواضع كي أحافظ على الأمانة التي وهبني الله إيّاها.

لا شكّ في أنني من الأشخاص المؤثرين لكن هناك كهنة كثيرين يعملون أيضًا وهم مثلي وأفضل منّي. أفضّل عدم تصنيف الآخرين. عملي يكمّل عملهم والعكس صحيح. يبقى الأهمّ أن يشعر أبناء كنيستنا بأننا إلى جانبهم بشكل دائم.

رعيّتي ليست فقط تلك التي عُيِّنْتُ فيها بل هي أبعد من ذلك. بمجرّد أن يضعني الربّ في هذا الموقع فهذا دليلٌ على أنه سلّمني أمانة معيّنة. الكلّ رعيّتي. أعدكم بألا أتعب ولا أملّ بل سأعمل أكثر من أجل كنيستي».

الحياة حبٌّ متبادل

ويختم الأب حنا حديثه عبر «آسي مينا»، رافعًا الشكر إلى الربّ على عطاياه الغزيرة بالقول: «أحمد الله على أهلي وعائلتي وكل ما حصل معي في حياتي. عندما أتأمل في نعم إلهي، أشعر بأنني مغمور بالحبّ. الربّ الذي أعطانا أهلنا وأن نصير أهلًا بدورنا، أراد أن يقول لنا إن الحياة حبٌّ متبادل».

الأب بيتر حنا مع عائلته. Provided by: Father Peter Hanna

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته