الجمعة 22 نوفمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

الراعي: «هذه جريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة!»

الراعي يترأس القداس الإلهي في الأحد الثالث بعد الصليب/ Provided by: Maronite Catholic Patriarchate of Antioch

أبدى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي في عظة الأحد مخاوفه من استمرار ربط جلسة الانتخاب الرئاسيّة بتوافق قد لا يحصل، فتنتهي المهلة الدستوريّة من دون انتخاب رئيس، مؤكدًا أن هذا الأمر مرفوض بالمطلق لأنه جريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة.

عظة الراعي أتت بعد جلسة برلمانيّة انتخابيّة فشلت يوم الخميس الفائت في انتخاب رئيس. ويُذكر أنّ المهلة الدستوريّة لانتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة تمتدّ حتى آخر أكتوبر/تشرين الأوّل الحالي.

وجاء في عظة الراعي التي ألقاها في الديمان في الأحد الثالث بعد الصليب ما يلي:

«حيث تكون الجثّة، هناك تجتمع النسور» (متى 24: 28).

1.في سياق حديث الربّ يسوع عن نهاية العالم ومجيئه الثاني بالمجد ديّانًا، استعمل صورة النسور التي بتحليقها في الفضاء تشمّ رائحة الجثّة، فتتحلّق حولها للدلالة على أن المؤمنين والمؤمنات الذين يسمون بالفضائل يعرفون المسيح الآتي في حياتهم اليوميّة ومكان وجوده، وكذلك الأبرار والقدّيسون في مجيئه الثاني بالمجد.

2.ترمز "الجثّة" إلى آلام المسيح، "الحمل الذي سيق إلى الذبح" (أشعيا 53: 7). عند مجيئه الثاني، كما في مجيئه اليوميّ في سرّ القربان، يجتمع القدّيسون كالنسور حول مذبحه ويرتفعون بذبيحته إلى عرش الحمل المذبوح في السماء. فالنسور يمثّلون القدّيسين الذين حلّقوا بفضائلهم وقداسة حياتهم إلى أعالي السماء. نقرأ في كتاب المزامير: "القدّيسون يتجدّد شبابهم كالنسور" (مز 103: 5). فلا بدّ عند الاحتفال بالذبيحة القربانيّة من التخشّع مدركين حضور القدّيسين حول المذبح، فنضمّ قرابين أعمالنا الصالحة إلى القربان الإلهيّ، ونسمو معهم إلى قمم الروح بالفضائل الإلهيّة والإنسانيّة.

3.إنّ اللقاء بالمسيح ورؤيته يقتضيان من كلّ مؤمن ومؤمنة الارتفاع إلى قمم الروح، قمم الإيمان والصلاة والأخلاق. لا يستطيع المنغمس في المسائل الدنيويّة والأنانيّة والكبرياء واللاأخلاقيّة أن يلتقي المسيح ويصغي إلى صوته ويلتمس نعمة خلاصه، ما لم يَسْمُ بفضائل الإيمان والرجاء والمحبّة، وبالفضائل الإنسانيّة.

4.تحتفل الكنيسة اليوم بأحد الورديّة، وجرت العادة التقويّة بتلاوة مسبحة الورديّة، كلّ يوم وطوال شهر تشرين الأوّل الذي بدأ. في ختام هذه الليتورجيّا الإلهيّة، سنصلّي مسبحة الورديّة سويًّا، مخصّصين كلّ بيت من أبياتها للتأمّل في سرّ من الأسرار الأربعة: الفرح والنور والألم والقيامة، وننهي بزيّاح العذراء. وتستطيعون تلاوتها معنا كلّ مساء كالعادة الساعة السادسة عبر محطّة تيلي لوميار-نورسات وفيسبوك.

5.يسعدنا أن نحتفل معًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة التي نختتم بها، بالشكر لله على الفترة التي قضيناها في كرسينا البطريركي في الديمان على مشارف الوادي المقدّس، ومقرّ سيّدة قنّوبين البطريركي حيث عاش عدد كبير من بطاركتنا مع أساقفة طوال 400 سنة، في عهد العثمانيّين، من سنة 1440 إلى 1840 قبل الاستقرار في بكركي والديمان. فكنّا نتأمّل مع زائرينا كم ضحّوا وناضلوا وصمدوا من أجل حماية ثلاثة: الإيمان والحريّة والاستقلاليّة. وهي أسس بُنِيَ عليها لبنان، وتشكّل مصدر قيمه الروحيّة والثقافيّة والأخلاقيّة والوطنيّة.

ويطيب لي أن أحيّيكم جميعًا مع الترحيب، بفوج كشّافة لبنان في بلدة حرف أرده العزيزة التي زرناها مؤخّرًا وباركنا لهذا الفوج بيوبيله الذهبي، إنّنا نجدّد لهم التهاني ونشكر مرشدهم الخوري يوسف جنيد على مرافقته الروحيّة والتوجيهيّة لهم.

6.إنّنا نواصل صلاتنا من أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة قبل الحادي والثلاثين من هذا الشهر الأخير من المهلة الدستوريّة.

وأوّل ما نرجو أن يسبق التوافق على اسم المرشّح المتّصف بالمواصفات التي يجمعون عليها، رؤيةٌ مُوحَّدةٌ وطنيّةٌ واقتصاديّةٌ للحكمِ ولعلاقات لبنان العربيّة والدوليّة، بحيث تتّفق عليها جميع القوى السياسيّة. وما نخشاه أن يَستمرَّ ربطُ جلسةِ الانتخابِ بتوافقٍ لا يَحصُلُ، فتَنتهي الـمهلة الدستوريّة من دون توافقٍ ومن دون انتخاب رئيس. وهذا مرفوض بالمطلق لأنّه جريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة في حالتيهما الراهنتين.

كيف لمجلسٍ نيابيٍّ أن يعتبر الشغور الرئاسي هو الممكن، والانتخاب هو المستحيل؟ أين الضمير؟ وأين المسؤوليّة الفرديّة والوطنيّة؟ وأين المرشّحون الجِدِّيون الذين يوحون بالثقة إن انتُخِبوا، أكانوا مُرشَّحِي تحدٍّ أم مرشّحي توافق؟ ليست الرئاسة تتويج مسيرة حياةٍ خاصّةٍ، بل تتويجًا لمسيرةٍ وطنيّةٍ في خدمة القضيّة اللبنانيّة.

وما نخشاه أيضًا أنّ تسليم نوّابٍ بحصول شغورٍ رئاسي لا يعود إلى انتظار الاتّفاق على اسم رئيسٍ، بل إلى تَموضُعٍ من شأنه أن يُحدِثَ شغورًا دستوريًّا يؤدّي إلى تغييرٍ في مقوِّمات البلاد، وماهيّة الوجود اللبناني الحرّ، في ظلِّ الشغور الرئاسي والتخبطّ الحكومي. لذا، يجدر بالقوى اللبنانيّة المؤمنة برسالة لبنان أن تمنع حصول ذلك، وتحافظ بكل الوسائل الناجعة على لبنان التعدّدي، المدني، الديمقراطي، الموَحَّد في كنف دستور لامركزيٍّ توافَقْنا عليه. وهذه أمانةٌ في عُنْقِ كلِّ مواطنٍ وجماعة.

7.مع رغبة الشعب اللبناني الكاملة بتأليف حكومةٍ جامعةٍ وقادرةٍ، فإنَّ إلهاءَه بالاجتهادات الدستوريّة وبكيفيّة انتقال صلاحيّات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وهي شؤون باتت وراءه. فالغليان الشعبيُّ اليوم تخطّى هذا المنطق وأدرك أنَّ عدم انتخاب رئيسٍ جديدٍ هو فعلٌ إراديٌّ وتخريبيٌّ وتدميريٌّ لضرب المركز الأوّل والأساسي في الدولة، ومن خلاله كلّ بنيتها الدستوريّة والوطنيّة.

وحين يقوم الشعب على مسؤولين أساؤوا الأمانة التاريخيّة، تسقط الاجتهادات وتفقد قيمتها. الشعب لا يهتمُّ بدستوريّة انتقال صلاحيّات الرئاسة الأولى، بل يسأل لماذا لم تنتخبوا رئيسًا؟ وإذا لم ينتفض النوّاب على أنفسهم ولم ينتخبوا رئيسًا وطنيًّا وسياديًّا ومؤهَّلًا لتَسَلُّمِ مقاليد الحكم، فلا يَلُومَنَّ الشعبَ إذا انتفض عليهم جميعًا.

8.نصلّي إلى الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سلطانة الورديّة المقدّسة، أن يستجيب صلاة شعبنا وصراخ آلامه وفقره وحرمانه، ويدخلنا في فجر جديد بانتخاب رئيس للجمهوريّة، وتشكيل حكومة كاملة الأوصاف والصلاحيّات. له المجد والشكر إلى الأبد.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته