بيروت, الخميس 28 أبريل، 2022
شابّة لبنانيّة شجاعة، خاضت معترك الإعلام، وقرّرت الالتزام مع المسيح إلى الأبد. تعرّضت لإصابات بليغة عندما دوّى انفجار بيروت في 4 آب 2020، بعدما تساقط حطام المنزل على جسمها النحيل وتكسّرت عظامها، وخضعت لستّ عمليّات جراحيّة.
لم تسمح لأمواج الآلام العاتية بأن تجرفها إلى قعر اليأس بل لملمت جراحاتها، ووضعتها تحت أقدام المصلوب، فوُلِدَتْ من جديد.
إنها ملفين خوري التي تشارك قرّاء "آسي مينا" اختبارها تجلّي الربّ في أصعب لحظات حياتها.
فيض النور والسلام
"ما مررت به شبيه بنفق أسود طويل حيث عانقتني الأوجاع، لكن مشواري مع الآلام حمل في طيّاته دلالة على بداية جديدة"، تخبر ملفين.
"دخلت النفق من دون إرادتي، لكنني خرجت منه بإرادتي وبقوّة ربّنا الذي تدخّل منذ اللحظة الأولى.
في ردهات هذا النفق المظلم، تجلّى حضور الربّ في فيض لحظات النور من خلال وجود الكثيرين إلى جانبي، وفي لحظات السلام على الرغم من شدّة الألم، وفي لحظات الإصرار على تخطّي كل الأوجاع على الرغم من الضعف والاستسلام.
كان الربّ حاضرًا بقوّة، فعبرت كل المراحل بنجاح، متحدّيةً الصعوبات والآلام… وكان حضوره الدائم يخفّف من أوجاعي، سواءً من خلال الأهل والأصدقاء أم الأطبّاء الذين تابعوا مراحل علاجي.
عندما رأيت أناسًا يعانون آلامًا أشدّ من آلامي، كالتعرّض لإصابات بليغة وخسارة أطراف وفقدان أحبّاء، أدركت أن الضرر الذي تعرّضت له لا يوازي ما تعرّض له غيري، فاحتملت معاناتي بصمت، وسلّمت حياتي إلى الربّ، ووثقت بأنه إلى جانبي دومًا".
نحو الولادة الجديدة!
وتقول ملفين: "حصلت الولادة الجديدة في لحظة الانفجار لأن الربّ نجّاني ومنحني عمرًا جديدًا إذ كان بيني وبين الموت أقلّ من ثانية.
عندما يُصهر الإنسان في بوتقة الأوجاع، أمامه خياران: الجيّد الذي يعبّر عن الولادة الجديدة، والسيّئ الذي يعبّر عن الظلام والموت الأبديّ.
أما أنا، فاخترت الأوّل! في هذه المسيرة الروحيّة والجسديّة والنفسيّة التي تلت انفجار مرفأ بيروت، وصلت بنعمة ربّنا إلى خطّ الحياة والولادة الجديدة.
جسديًّا، ولدت من جديد! نفسيًّا وروحيًّا، ولدت من جديد أيضًا لأنني اختبرت أن أمورًا كثيرة في الحياة لا تستأهل إيلاءها أيّ أهميّة، وبتّ أركّز على أولويّات أكثر عمقًا من أمور زائلة ومجد باطل".
بين عدالة الأرض والسماء
وتتابع ملفين: "إن عدالة الربّ تمهل ولا تهمل.
الله عادل ورحوم ومساند الضعفاء والمظلومين والأبرياء، ويحاسب كل إنسان بحسب نيّات قلبه.
لا أعتقد أن الذين تسبّبوا في مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة حوالى 6500 آخرين ونكبة 300000 عائلة يسلكون طريق النور!
إن الإنسان الخاطئ لا يجرؤ على رفع نظره إلى الربّ، ولا يستطيع مرتكب الجرائم مواجهة العدالة الأرضيّة.
أثق بأن عدالة الله ستتجلّى في الأرض، وسيأخذ كل إنسان نصيبه".
في انتظار جلاء الحقيقة
(Story continues below)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنوتؤكد ملفين عبر "آسي مينا" أنها لم تفكّر بالهجرة أبدًا، متمسّكة بمسيرتها الروحيّة وإيمانها العميق وتعلّقها بلبنان، أرض القديسين الذين اجتُرحت المعجزات بشفاعتهم في العالم كلّه.
وتشدّد على وجوب عدم إفراغ الوطن من الناس الذين يريدون خيره أو تركه للفاسدين والمجرمين من أجل ثنيهم عن تحقيق أهدافهم.
وتختم ملفين بالقول: لن نملّ من انتظار جلاء الحقيقة وتحقيق العدالة، رافعة الشكر إلى الربّ على الولادة الجديدة التي منحها إيّاها، وحضوره الدائم إلى جانبها، وتفهّم غضبها وأسئلتها، وبلسمة جراحها، والسلام الذي وهبها إيّاه في خضمّ معركة الألم.
وتجدّد الشكر لله على وقوف المحيطين بها إلى جانبها، معتبرة التكريم الذي خصّتها به اللجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" في بكركي بمثابة دليل على أن الله رأى حقيقة قلبها واندفاعها إلى مساعدة الآخرين وتحلّيها بإرادة قويّة وقدرة على عدم الاستسلام، مشيرة إلى أن كل تمجيد يعود إلى ربّنا، هو معطي الوزنات التي استثمرتها على الدوام حتى في لجّة الآلام.
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته