حلب, الأحد 11 سبتمبر، 2022
عانت المسيحيّة اضطهادات مستمرّة ازدادت وطأتها في عهد الإمبراطوريّة الرومانيّة في أوروبا. وعاشت غالبيّة المسيحيّين ضمن بيوت أو أشباه مدن تحت الأرض كانت تُدعى الدياميس، هي عبارة عن مقابر رومانيّة تخفّوا فيها بعيدًا من الاضطهادات وعمليّات القتل والتعذيب التي طالتهم، ما أدّى إلى ظهور الحاجة لاستخدام الرموز وكلمات السرّ في سبيل الحفاظ على حياة كلّ مؤمن مسيحي وللإشارة إلى اتّحادهم بالمسيح المخلّص.
استخدمت المسيحيّة رموزًا كثيرة انتشر رسمها في القرون الأربعة الأولى للمسيحيّة، منها رسم الصليب والسمكة وغيرهما. لكنّ ازدياد الاضطهادات دفعهم إلى إخفاء رسم الصليب، وهذا لا يعني إنكارهم له، فالمسيحيّة تنظر إليه على أنّه أداةٌ تمّ الخلاص من خلالها بعدما بيّن يسوع المسيح محبّته للبشريّة حتى أقصى حدود، ليتمّ استخدام رمز السمكة بشكل أوسع كعلامة تعارف سرّية داخليّة خفيّة بين المسيحيّين.
فَسَّرَ القديس أغسطينوس معنى رمز السمكة بحسب الأصل اليوناني لجملة «يسوع المسيح ابن الله المخلّص»، فجمع الحروف الخمسة الأولى من هذه الكلمات ليحصل على كلمة Ichthys «إكتوس» باللغة اليونانيّة، وتعني «السمك» أو «السمكة».
معاني رمز السمكة حسب آباء الكنيسة
في القرون المسيحيّة الأولى، علّق آباء الكنيسة على رمز السمكة ومعناه لدى المؤمنين، وفي ما يلي بعضٌ من تفسيراتهم:
-السمكة ترمز إلى الطبيعة البشريّة للربّ يسوع: يُشبّه أحد الآباء حياتنا وعالمنا بالبحر. فنحن البشر نشبه الأسماك التي تعوم فيه، ويسوع المسيح أخذ جسدنا بتجسّده الإلهي وأصبح كسمكة خرجت من نهر الأردن.
-السمكة ترمز إلى عمل الله الخلاصي من أجل الإنسان: فكلمة «إكتوس» هي اختصار لعبارة «يسوع المسيح ابن الله مُخلّص العالم».
-السمكة ترمز إلى يسوع المسيح مؤسّس سرّ الإفخارستيا: يرى الآباء المُفسرّون في معجزة تكثير الخبز والسمك رمزًا للإفخارستيا أي أنّ المسيح أعطى الجموع من ذاته فهو الخبز النازل من السماء والكنيسة هي جسده.
-السمكة ترمز إلى يسوع المسيح، مؤسِّس سرّ المعموديّة: يتحدّث الأب إقليمس، أحد آباء الكنيسة، عن ارتباط السمك في المسيحيّة بالرسل الصيّادين. فكما يُخرِج الصيّاد السمك من البحر بشبكته، كذلك تُخرج كلمة الله المؤمنين من الظلمة إلى النور، وهذا ما يحدث مع كلّ طفل مسيحي عند إخراجه من جُرن العماد كسمكة تولد من جديد بالماء والروح.
الانتقال من السمكة إلى الصليب
انتشرت المسيحيّة مع مرور الوقت، وشكّلت عمليّة استخدام المؤمنين الرموز وسيلة تعبير عن إيمانهم. وبعد انتهاء الاضطهادات، قلَّ استخدامهم رمز السمكة. كما منع رؤساء الكنيسة استعمال الرموز بعد ذلك، ووضعوا قوانين لرسم الأيقونات واستخدامها.
ثمّ استُخدم رمز الصليب الفارغ، تعبيرًا عن المسيح المنتصر والقائم من الأموات. وبقي رمز الصليب إلى يومنا هذا يُعبّر عن الإيمان المسيحي ويُستخدم في الكنائس والأديرة والبيوت، بعد زوال الخوف والسماح بممارسة الحرّية الدينيّة في عدد كبير من دول العالم.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته