الجمعة 6 ديسمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

في تذكار قطع رأس يوحنا المعمدان... ماذا نتعلّم من هذا القديس؟

أيقونات للقديس يوحنا المعمدان/ Provided by: Pinterest

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة في 29 أغسطس/آب من كلّ عام بتذكار قطع رأس القديس يوحنا المعمدان. لكن كيف تحوّل هذا التذكار المؤلم والحزين عيدًا كنسيًّا؟ وهل يجب على كلّ مؤمن مسيحي أنْ يشعر بالسعادة أو الحزن في هذا اليوم المُبارك؟ وماذا نستطيع أن نتعلّم من حياة هذا القديس العظيم؟

نبذة عن حياة يوحنا المعمدان

يوحنا المعمدان قديسٌ مولود بمعجزةٍ إلهيّة. فوالداه زكريا وأليصابات كانا طاعنَيْن في السنّ ولم يكُن باستطاعتهما الإنجاب، لكنَّ الله أذنَ للملاك جبرائيل بالتبشير بولادتِه وخدمته النبويّة لأبيه زكريا. كان الخبر مُبهجًا لأنّ أليصابات عاقر، لكن الله أرسل يوحنا ليُعلن مجيء المسيح.

كان المعمدان يرتدي ثيابًا برّيّة صُنِعت من شَعر الإبل وحزامًا جلديًّا، يأكل الجراد والعسل البرّي، ويُبشّر برسالة المسيح على الأرض. وعلى عكس كثيرين، كان المعمدان واضح الرؤية في الحياة، وقد فهم بوضوح أنَّ الله خلقه لهدف ما.

جمعت قرابةٌ بين المعمدان والمسيح. وتجلّت رسالته النبويّة في تهيئة الناس لمجيء المسيح. عمّد الناس كرمز إلى التوبة ومغفرة الله لخطاياهم، ثمّ عمّد المسيح في نهر الأردن، لكنّه لم يمتلك القدرة على إقناع هيرودس بالتوبة عن خطاياه والتراجع عن المعاصي.

في العام 29 بعد الميلاد، أمَرَ هيرودس أنتيباس بأن يُقبَض على المعمدان ويوضَع في السجن، وفي وقتٍ لاحق، أقدم على قطع رأسه بسبب مؤامرة حاكتها هيروديا، زوجة هيرودس غير الشرعيّة والزوجة السابقة لأخيه فيليب.

يُعتبَر المعمدان من أكثر الشخصيّات فرادةً في المسيحيّة، نظرًا إلى مَيْلِه الدائم للتضحية في سبيل إعلان الحقّ بلا خوفٍ أو تراجع.

وقد أعلن المسيح أنّ المعمدان هو من أعظم الرجال الذين عاشوا على الإطلاق، قائلًا عنه: «لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْن الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان» (لوقا 28:7).

أين يوجد جسد المعمدان ورأسه اليوم؟

قتَلَ هيرودس أنتيباس يوحنّا بعدما سَجَنَهُ في مشيروس لأنّه كان خائفًا من تأثير وجود المعمدان في قيام تمرّدٍ ضدّه. كما أنّ سالومي، ابنة هيروديا، طلبت قطع رأس يوحنا ووضعه في طبَقٍ وتقديمه لها. ولم يُذْكَر في الكتاب المقدّس المكان الذي دُفِنَ فيه المعمدان، لكنَّ إنجيل متّى ذكر أنّ تلاميذه «جاءوا وأخذوا الجسد ودفنوه وذهبوا وأخبروا يسوع» (متّى 12:14).

في القرن الرابع، سادَ اعتقادٌ بأنّ مكان دفن يوحنا هو في سبسطية (السامرة قديمًا) التي تقع الآن في فلسطين. وفي العام 2010، صرّح علماء آثار بلغاريّون بأنّهم وجدوا بعضًا من الذخائر لمجموعة من العظام تحت أنقاض دير يرجع إلى القرون الوسطى، ويُقال إنّها تعود للمعمدان، في جزيرة على البحر الأسود في الساحل الجنوبي لبلغاريا.

وأشاروا إلى اكتشافهم صندوقًا صغيرًا من الحجر الرمليّ إلى جانب الذخائر، كُتِب عليه باليونانيّة: «يا الله، أنقِذ خادمك توماس. إلى القديس يوحنا المعمدان».

وقد اكتشف العلماء، في وقتٍ لاحق، باستخدام الكربون المشعّ والاختبار الجيني، أنَّ العظام التي وُجِدت تخصّ رجلًا عاش في الشرق الأوسط في خلال القرن الأوّل الميلادي. فَمِن الممكن أنْ تكونَ عظام المعمدان، لكنّها تبقى مُجرّد تخمينات، من دون وجود أدلّةٍ واضحة على مرجعها الحقيقي.

وقد حظي رأسُ المعمدان بمكانة كبيرة على مَرّ القرون، بسبب تأثير قصّة قطعِهِ في مسيرة حياته التي قدَّمها دفاعًا عن التبشير بالحقّ، وتسليط الضوء على الظلام والشرّ والخطيئة.

ماذا نتعلّم من القديس يوحنا اليوم؟

  • نستطيع تعلُّم الشجاعة، فيوحنّا المعمدان عاش حياته في الصحراء، مُترقّبًا مجيء المسيح، لكنّه لم يخجل من التحدّث بما يفكّر به أمام حشود كبيرة من الناس التي خرجت لتسمعه، لافتًا انتباه الفرّيسيّين والصدوقيّين وكثيرين غيرهم.

  • الثباتُ في الإيمان والتسليم لإرادة الله. كان يوحنا يحتفل بمجيء المسيح إليه قبل موته، فعندما أتى إليه للعماد، كاد يوحنا أن يرفض بكلّ إخلاص وتواضع أنْ يُعمِّد يسوع، ونظرَ إلى المسيح، قائلًا: «أنا بحاجة إلى أن أعتمِد منك، وأنت تأتي إليّ أنا!».

  • التضحية ونكران الذات. لم يتنازل القديس يوحنا عن إيمانه وتعاليم الله من أجل كسب منصب. فلقد أدرك الخطر الذي يهدّد حياته، لكنّه جاهر بالحقيقة بجرأة.

ونحن علينا الاستعداد للمجازفة بالمخاطر من أجل إعلان الحقّ. في الواقع، إنّ نشر البشارة في الأماكن الخطرة أو العامّة هو عمل محفوف بالمخاطر، وقد يكلّف البعض وظائفهم أو مكانتهم السياسيّة.

  • قول الحقّ. إن الكرازة بالإنجيل هي التبشير بالحقّ الذي يسلّط إعلانه الضوء على الظلام. ويجب علينا، نحن المسيحيّين، إعلان الحقّ مهما كلّفنا ذلك لأنّ هذا ما يدعونا إليه الله.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته