الجليل, السبت 27 أغسطس، 2022
أكدت قراءة نقش كُتِبَ على فسيفساء عُثر عليها قبل نحو عام في كنيسة شمال بحيرة طبريا (بحر الجليل) أنّ هذا الموقع هو مدينة بيت صيدا الواردة في الإنجيل المقدّس في مناسبات عدّة، وأنّ المبنى هو كنيسة الرسل التي أشار إليها القديس البريطاني ويليبالد أسقف آيشتيت في بافاريا في خلال زيارته لها في العام 724، قائلًا: «من هناك ذهبوا إلى بيت صيدا، مقرّ إقامة بطرس وأندراوس، حيث توجد الآن كنيسة في موقع منزلهم». هذه العبارة وإن كانت لا تستطيع تأكيد أنّ موقع الكنيسة هو نفسه موقع منزل الرسولَيْن، لكنّها تدفعنا خطوة كبيرة إلى الأمام في هذا الاتّجاه.
بالنسبة إلى الكنيسة، فأبعادها تبلغ نحو 27×16 مترًا، وقد اكتشفها في العام 2019 علماء آثار من كلّية «كينريت» لآثار الجليل وكلّية «نياك» في نيويورك، بقيادة البروفيسور مردخاي أفيام والبروفيسور ستيفن نوتلي. أمّا بالنسبة إلى النقش، فيعود إلى نحو القرن الخامس، وقد كُتِبَ باللغة اليونانيّة وهو مُحاط بميداليّة مستديرة مكوّنة من سطرَيْن من الفسيفساء السوداء على الطراز البيزنطي، وهي جزء من فسيفساء أكبر في غرفة الشمّاسيّة بالكنيسة، ومزيّنة جزئيًّا بزخارف من النبات والخطوط الهندسيّة.
يبدأ النصّ باسم المتبرّع «قسطنطينوس خادم المسيح»، ثمّ يَستخدم الكاتب التعبير البيزنطي «رئيس الرسل السماويّين وقائدهم»، وهذه إشارةٌ إلى بطرس الذي كُرّست الكنيسة على اسمه.
ويأمل الباحثون الذين سيستأنفون عملهم في أكتوبر/تشرين الأوّل المقبل من خلال تنظيف المكان بأن يعثروا على نقش آخر يشير إلى أندراوس، ما سيعزّز فرضيّة أنّ الموقع هو منزل الأخوَيْن. فأحد أهمّ أهداف عمليّات التنقيب التي بدأت منذ العام 2016 وختمت موسمها السادس، هو التحقّق ممّا إذا كانت هناك في موقع الكنيسة البيزنطيّة طبقةٌ أقدم تعود إلى العصر الروماني، وتحديدًا إلى القرن الأوّل. وبالفعل، وجد المنقِّبون بعض البقايا العائدة إلى تلك الفترة التي تحوّلت فيها بيت صيدا من قرية كبيرة إلى مدينة صغيرة منذ عهد هيرودس فيليبُّس الثاني، ابن هيرودس الكبير، والتي سُمّيت المدينة في زمنه باسم جولياس نسبةً إلى ابنة الإمبراطور أغسطس، وذلك بحسب ما ذكر المؤرّخ اليهودي يوسيفوس.
ويُمكن للنقش الذي تمّت قراءته مؤخّرًا أن يدعم تحديد موقع الأعرج على أنّه بيت صيدا وكذلك البازيليك على أنّها كنيسة الرسل. لكن لا يمكن أن يؤكّد لنا أنّ الكنيسة بُنيت في موقع منزل بطرس وأندراوس، والسبب أنّ بيت صيدا استمرّت في الظهور في السجلّات التاريخيّة -المسيحيّة منها واليهوديّة- حتّى أواخر القرن الثالث، ثمّ اختفت منها لنحو 200 عام. وأظهرت الأبحاث آنذاك حدوث فيضانات وارتفاع منسوب مياه البحيرة الذي طال المدينة، فهجَرَها سكّانها. وعندما عادت الحياة إليها في القرن الخامس، يُحْتمل أن تكون الذاكرة الشعبيّة والمحلّيّة قد اختفت، وبالتالي تمّ تضليل الزائرين البيزنطيّين الذين أرادوا بناء الكنيسة في موقع منزل الرسولَيْن.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته