السبت 23 نوفمبر، 2024 تبرّع
EWTN News

الجزائر: الواقع المسيحي بين الاضطهاد والشهادة للربّ

كنيسة سانتا كروز في وهران، الجزائر/ Santa Cruz Chapel on Murdjajou mount in Oran, Algeria/Ali Mehaoudi/Shutterstock/CNA

عرفت الجزائر الإيمان المسيحي وبناء الكنائس منذ القرون الأولى، وهذا ما تُثبته الآثار التاريخيّة في أماكن مختلفة من البلاد. ومع بداية القرن السابع، بدأت أعداد المسيحيّين بالانخفاض بسبب الفتوحات والغزوات الإسلاميّة، ما أدّى إلى تهجير المسيحيّين. فهم كانوا أمام خيارَيْن: التعرّض للقتل أو ترك ديارهم.

ثمّ عاودت أعداد المسيحيّين في الجزائر الارتفاع في شكلٍ ملحوظ منذ مطلع القرن التاسع عشر، وخاصّةً الجاليات الأوروبيّة التي أتى أفرادها للعمل، وعاشوا في المدن الرئيسيّة، وكانوا يُمارسون شعائرهم الدينيّة بحرّية، ويُقيمون مع الجزائريّين روابط الصداقة والألفة والمودّة وينخرطون في مؤسّسات المجتمع المدني.

وفي منطقة القبائل أيضًا، هناك وجود كبير لمؤمنين مسيحيّين من أصل جزائري، منهم مَن يُجاهر بإيمانه بالمسيح، ومنهم مَن يكتمه لأسباب عدّة، خاصّةً بسبب الخوف من الاضطهاد.

ونتَجَ عن النموّ الكبير للوجود المسيحيّ إصدار السلطات الجزائريّة قانونًا تمنع بموجبه التبشير تحت طائلة الملاحقة القانونيّة. وفي هذا السياق، تعرّض كثيرٌ من المؤمنين المسيحيّين للاعتقال والسجن والترحيل خارج البلاد.

اضطهاد المسيحيّين الجزائريّين

في أغسطس/آب 1996، قُتِلَ أسقف مدينة وهران المونسنيور بيار كلافري الدومينيكاني، مع سائقه الجزائري في غرب الجزائر، وهو كان من أشدّ المدافعين عن التقارب الإسلامي-المسيحي والجزائري-الفرنسي ومعارضًا للتعصّب. وقد قرّر البقاء مع علمه بأنّه مهدّد بالقتل، وسط أعمال عنفٍ دامية كانت البلاد غارقةً فيها.

فمع دخول الإسلاميّين المُتشدّدين إلى الساحة الجزائريّة وتنامي الأفكار السلفيّة عقب استقلال الجزائر في العام 1962، تجاوز اضطهاد المسيحيّين الجزائريّين قضيّة الممتلكات، فباتوا مُستهدَفين في أرواحهم، ثمّ استُهدِفَ الكهنة والرهبان.

قبل الاستقلال، تشير الإحصاءات إلى أنّ المسيحيّين مثّلوا أكثر من 12% من السكّان. لكن بعد الاستقلال وتهجير نحو ثمانمئة ألف مسيحيّ إلى فرنسا، تراجعت نسبة المسيحيّين في الجزائر إلى 1% فقط من السكّان.

الأصوليّة الحاكمة ومذابح المسيحيّين

كلّما تضاعفت أعداد المسيحيّين الجزائريّين، ازدادت الحاجة إلى بناء المزيد من الكنائس؛ منها ما يُعلَن عنه وينال ترخيصًا من الدولة، ومنها ما يبقى غير مُعلَن بسبب الاضطهاد.

أمّا رعاة الكنائس، فمعظمهم جزائريّون تفرّغوا لخدمة الكنيسة ورعاية المؤمنين، كلٌّ في المنطقة أو المدينة التي نشأ فيها.

يُمارس المسيحيّون الجزائريّون شعائرهم الدينيّة من صلوات وقداديس، في ظلّ ضغوط وتحدّيات كثيرة يُواجهونها، مثل التهديد والقتل والاعتداء على الممتلكات.

وعلى الرغم من ذلك، إيمانهم ثابت وخدمتهم لبعضهم تتمّ دائمًا بفرحٍ وسلام. ولم تكُن الأصوليّة الإسلاميّة وحدها مَن استَهدفَت المسيحيّين في الجزائر، بل إنَّ الدولة أدّت أيضًا، عبر أنظمتها المختلفة، دورًا لا يُمكن إغفاله في تضييق الخناق على المسيحيّين وتهجيرهم.

وكانت البداية بفاجعة مذبحة وهران في العام 1962 التي راح ضحيّتها 95 قتيلًا، معظمهم من ذوي الأصول الأوروبيّة. ثمّ في مايو/أيّار 1994، كان الراهبان الفرنسيّان هنري فيرجيس وبول هيلين سان ريمون اللذان أدارا مكتبة الأسقفيّة في حيّ القصبة بالعاصمة الجزائريّة، أوّل مَن قُتلوا من الضحايا الـ19 من رجال الدين والراهبات في خلال العقد الأسود بالجزائر. وفي أكتوبر/تشرين الأوّل من العام نفسه، قُتِلت الراهبتان الإسبانيّتان إيستير بانيغوا ألونسو وكاريداد ألفاريز مارتان بالرصاص بينما كانتا متوجّهتَيْن للصلاة في كنيسة في حيّ باب الواد الشعبي بالعاصمة الجزائريّة.

وفي سبتمبر/أيلول 1995، قُتِلت الراهبتان المالطيّة أنجيل ماري جان ليتلجون والفرنسيّة بيبيان دينيز لوكلير بالرصاص في طريق عودتهما من الصلاة في حيّ بلكور الشعبي في العاصمة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، قُتِلت الراهبة الفرنسيّة أوديت بريفو جرّاء اعتداء في حيّ القبّة في العاصمة الجزائريّة.

ثمّ في العام 1996، خُطِفَ سبعة من رهبان تيبحيرين في الجزائر، وقُتِلوا على يد الجماعة الإسلاميّة المسلّحة. وقد أعلنتهم الكنيسة الكاثوليكيّة طوباويين في العام 2018.

وتجدر الإشارة إلى أن المسيحيّين في الجزائر تعرّضوا لقمع من جانب الدولة، أسفر عن إغلاق أكثر من 12 كنيسة في العام 2019، واستمرّ الإغلاق في العام التالي. وحتّى اليوم، لم يتمّ فتحها مرّةً أخرى، وقد أوصت اللجنة بوَضْع الجزائر على لائحة المراقبة الخاصّة لوزارة الخارجيّة، وفقًا لتقرير اللجنة الأميركيّة للحرّية الدينيّة الدوليّة ومنظّمة «أوبن دورز».

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته